صفحة جزء
الفصل الحادي والعشرون : الوقار ، والمروءة

وأما وقاره - صلى الله عليه وسلم - ، وصمته ، وتؤدته ، ومروءته ، وحسن هديه [ فحدثنا أبو علي الجياني الحافظ إجازة ، وعارضت بكتابه ، قال : حدثنا أبو العباس الدلائي ، أخبرنا أبو ذر الهروي ، أخبرنا أبو عبد الله الوراق ، حدثنا اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عبد الرحمن بن سلام ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ] عن عمر بن عبد العزيز بن وهيب : سمعت خارجة بن زيد يقول : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أوقر الناس في مجلسه ، لا يكاد يخرج شيئا من أطرافه .

وروى أبو سعيد الخدري : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في مجلس احتبى بيديه ، وكذلك كان أكثر جلوسه لله محتبيا .

وعن جابر بن سمرة أنه تربع ، وربما جلس القرفصاء ، وهو في حديث قيلة ، وكان كثير السكوت لا يتكلم في غير حاجة ، يعرض عمن تكلم بغير جميل ، وكان ضحكه تبسما ، وكلامه فضلا لا فضول ولا تقصير ، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم ، توقيرا له ، واقتداء به . مجلسه مجلس حلم ، وحياء ، وخير ، وأمانة لا ترفع فيه الأصوات ، ولا تؤبن فيه الحرم ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير .

وفي صفته : يخطو تكفؤا ، ويمشي هونا كأنما ينحط من صبب . وفي الحديث الآخر : إذا مشى مشى مجتمعا ، يعرف في مشيته أنه غير غرض ، ولا وكل ، أي غير ضجر ، ولا كسلان .

[ ص: 198 ] وقال عبد الله بن مسعود : إن أحسن الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - .

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - : كان في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترتيل أو ترسيل .

قال ابن أبي هالة : كان سكوته على أربع : على الحلم ، والحذر ، والتقدير ، والتفكر . قالت عائشة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث حديثا لو عده العاد أحصاه .

وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب الطيب ، والرائحة الحسنة ، ويستعملهما كثيرا ، ويحض عليهما ، ويقول : حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة .

ومن مروءته - صلى الله عليه وسلم - نهيه عن النفخ في الطعام ، والشراب ، والأمر بالأكل مما يلي ، والأمر بالسواك ، وإنقاء البراجم ، والرواجب ، واستعمال خصال الفطرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية