مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل

قال صاحب " المنازل " :

التواضع : أن يتواضع العبد لصولة الحق .

يعني : أن يتلقى سلطان الحق بالخضوع له ، والذل ، والانقياد ، والدخول تحت رقه . بحيث يكون الحق متصرفا فيه تصرف المالك في مملوكه . فبهذا يحصل للعبد خلق التواضع . ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الكبر بضده . فقال الكبر بطر الحق ، وغمص الناس ، فبطر [ ص: 318 ] الحق : رده وجحده ، والدفع في صدره . كدفع الصائل . وغمص الناس : احتقارهم وازدراؤهم . ومتى احتقرهم وازدراهم : دفع حقوقهم . وجحدها ، واستهان بها .

ولما كان لصاحب الحق مقال وصولة : كانت النفوس المتكبرة لا تقر له بالصولة على تلك الصولة التي فيها ، ولا سيما النفوس المبطلة . فتصول على صولة الحق بكبرها وباطلها . فكان حقيقة التواضع : خضوع العبد لصولة الحق ، وانقياده لها . فلا يقابلها بصولته عليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية