مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
[ ص: 341 ] فصل منزلة العزم

ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة العزم

وقد ذكرنا في أول الكتاب أنه نوعان .

أحدهما : عزم المريد على الدخول في الطريق . وهو بداية .

والثاني : عزم السالك . وهو مقام ذكره صاحب " المنازل " في وسط كتابه في قسم الأصول فقال :

هو تحقيق القصد طوعا أو كرها .

أما قوله : تحقيق القصد فهو أن يكون قصده محققا . لا يشوبه شيء من التردد .

وأما تقسيمه هذا التحقيق إلى طوع وكره : فصحيح . فإن المختار : تحقيق قصده طوعا . وأما المكره : فتحقيق قصده كرها . فإنه إذا أكره على فعل ، وعزم عليه : قد حقق قصده كرها لا طوعا .

واختلف الفقهاء والأصوليون في المكره : هل يسمى مختارا ، أم لا ؟ .

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول : التحقيق أنه محمول على الاختيار . فله اختيار في الفعل . وبه صح وقوعه . فإنه لولا إرادته واختياره : لما وقع الفعل . ولكنه محمول على أن هذه الإرادة والاختيار ليست من قبله . فهو مختار باعتبار أن حقيقة الإرادة والاختيار منه . وغير مختار باعتبار أن غيره حمله على الاختيار . ولم يكن مختارا من نفسه . هذا معنى كلامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية