مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
قال : الدرجة الثالثة : ذهول مع صحبة الاستقامة . وملازمة الرعاية على تهذيب الأدب .

الذهول هاهنا : الغيبة في المشاهدة بالحال الغالب ، المذهل لصاحبه عن التفاته إلى غيره . وهذا إنما ينفع إذا كان مصحوبا بالاستقامة . وهي حفظ حدود العلم ، والوقوف معها ، وعدم إضاعتها . وإلا فأحسن أحوال هذا الذاهل : أن يكون كالمجنون الذي رفع عنه القلم . فلا يقتدى به . ولا يعاقب على تركه الاستقامة .

وأما إن كان سبب الذهول المخرج عن الاستقامة ، باستدعائه وتكلفه وإرادته : فهو عاص مفرط ، مضيع لأمر الله . له حكم أمثاله من المفرطين .

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول : متى كان السبب محظورا . لم يكن السكران معذورا .

وقوله : وملازمة الرعاية على تهذيب الأدب .

يريد به : ملازمته رعاية حقوق الله مع التأدب بآدابه . فلا يخرجه ذهول عن استقامته . ولا عن رعاية حقوق سيده ، ولا عن الوقوف بالأدب بين يديه . والله المستعان .

التالي السابق


الخدمات العلمية