مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل

قال الدرجة الثالثة : أنس اضمحلال في شهود الحضرة . لا يعبر عن غيبه ، ولا يشار إلى حده . ولا يوقف على كنهه .

الاضمحلال : الانعدام . وشهود الحضرة هو مشاهدة الحقيقة . والفناء في ذلك الشهود .

قوله : ولا يعبر عن غيبه إلى آخره .

حاصله : أن هذا أمر وراء العبارة . لا تناله العبارة . ولا يحاط به عينا . ولا حدا . ولا كنها . ولا حقيقة . فإن حقيقته : تستغرق العبارة ، والإشارة ، والدلالة وفي وصفه يقول قائلهم :


فألقوا حبال مراسيهم فغطاهم البحر . ثم انطبق

وهاهنا إنما حوالة القوم على الذوق . وإشارتهم إلى الفناء الذي يصطلم المشير وإشارته ، والمعبر وعبارته ، مع ظهور سلطان الحقيقة التي هي فوق الإشارة ، والعبارة ، والدلالة . والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية