مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل

قال : الدرجة الثالثة : السكينة التي تثبت الرضا بالقسم . وتمنع من الشطح الفاحش . وتقف صاحبها على حد الرتبة ، والسكينة لا تنزل إلا في قلب نبي ، أو ولي .

هذه الدرجة الثالثة : كأنها عند الشيخ لأهل الصحو بعد السكر . ولمن شام بوارق الحقيقة .

فقوله : تثبت الرضا بالقسم

أي توجب لصاحبها أن يرضى بالمقسوم . ولا تتطلع نفسه إلى غيره .

وتمنع من الشطح الفاحش

يعني مثل ما نقل عن أبي يزيد ونحوه ، بخلاف الجنيد وسهل وأمثالهما . فإنهم لما كانت لهم هذه السكينة لم تصدر منهم الشطحات . ولا ريب أن الشطح سببه عدم السكينة . فإنها إذا استقرت في القلب منعته من الشطح وأسبابه .

[ ص: 479 ] قوله : وتوقف صاحبها على حد الرتبة

أي توجب لصاحبها الوقوف عند حده من رتبة العبودية . فلا يتعدى مرتبة العبودية وحدها .

قوله : والسكينة لا تنزل إلا على قلب نبي أو ولي

وذلك لأنها من أعظم مواهب الحق سبحانه ومنحه . ومن أجل عطاياه . ولهذا لم يجعلها في القرآن إلا لرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين كما تقدم . فمن أعطيها فقد خلعت عليه خلع الولاية ، وأعطي منشورها .

والله المستعان . وعليه التكلان . ولا حول ولا قوة إلا بالله .

التالي السابق


الخدمات العلمية