مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل منزلة الشوق

ومن منازل " إياك نعبد وإياك نستعين " منزلة الشوق

قال الله تعالى من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت .

قيل : هذا تعزية للمشتاقين ، وتسلية لهم . أي أنا أعلم أن من كان يرجو لقائي فهو مشتاق إلي . فقد أجلت له أجلا يكون عن قريب . فإنه آت لا محالة . وكل آت قريب .

وفيه لطيفة أخرى . وهي تعليل المشتاقين برجاء اللقاء .

[ ص: 53 ]

لولا التعلل بالرجاء لقطعت نفس المحب صبابة وتشوقا     ولقد يكاد يذوب منه قلبه
مما يقاسي حسرة وتحرقا     حتى إذا روح الرجاء أصابه
سكن الحريق إذا تعلل باللقا

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه أسألك لذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك .

قال بعضهم : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - دائم الشوق إلى لقاء الله . لم يسكن شوقه إلى لقائه قط . ولكن الشوق مائة جزء . تسعة وتسعون له . وجزء مقسوم على الأمة . فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يكون ذلك الجزء مضافا إلى ما له من الشوق الذي يختص به . والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية