مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
[ ص: 250 ] فصل

المرتبة الثامنة من مراتب الحياة : حياة الفرح والسرور ، وقرة العين بالله ، وهذه الحياة إنما تكون بعد الظفر بالمطلوب ، الذي تقر به عين طالبه ، فلا حياة نافعة له بدونه ، وحول هذه الحياة يدندن الناس كلهم ، وكلهم قد أخطأ طريقها ، وسلك طرقا لا تفضي إليها ، بل تقطعه عنها ، إلا أقل القليل .

فدار طلب الكل حول هذه الحياة ، وحرمها أكثرهم .

وسبب حرمانهم إياها : ضعف العقل والتمييز والبصيرة ، وضعف الهمة والإرادة ، فإن مادتها بصيرة وقادة ، وهمة نقادة ، والبصيرة كالبصر تكون عمى وعورا وعمشا ورمدا ، وتامة النور والضياء ، وهذه الآفات قد تكون لها بالخلقة في الأصل ، وقد تحدث فيها بالعوارض الكسبية .

والمقصود : أن هذه المرتبة من مراتب الحياة هي أعلى مراتبها ، ولكن كيف يصل إليها من عقله مسبي في بلاد الشهوات ، وأمله موقوف على اجتناء اللذات ، وسيرته جارية على أسوأ العادات ، ودينه مستهلك بالمعاصي والمخالفات ، وهمته واقفة مع السفليات ، وعقيدته غير متلقاة من مشكاة النبوات ؟ !

فهو في الشهوات منغمس ، وفي الشبهات منتكس ، وعن الناصح معرض ، وعلى المرشد معترض ، وعن السراء نائم ، وقلبه في كل واد هائم ، فلو أنه تجرد من نفسه ، ورغب عن مشاركة أبناء جنسه ، وخرج من ضيق الجهل إلى فضاء العلم ، ومن سجن الهوى إلى ساحة الهدى ، ومن نجاسة النفس ، إلى طهارة القدس لرأى الإلف الذي نشأ بنشأته ، وزاد بزيادته ، وقوي بقوته ، وشرف عند نفسه وأبناء جنسه بحصوله ، وسد قذى في عين بصيرته ، وشجا في حلق إيمانه ، ومرضا متراميا إلى هلاكه ،

فإن قلت : قد أشرت إلى حياة غير معهودة بين أموات الأحياء ، فهل يمكنك وصف طريقها ، لأصل إلى شيء من أذواقها ، فقد بان لي أن ما نحن فيه من الحياة حياة بهيمية ، ربما زادت علينا فيه البهائم بخلوها عن المنكرات والمنغصات وسلامة العاقبة ؟

قلت : لعمر الله إن اشتياقك إلى هذه الحياة ، وطلب علمها ومعرفتها : لدليل [ ص: 251 ] على حياتك ، وأنك لست من جملة الأموات .

فأول طريقها : أن تعرف الله ، وتهتدي إليه طريقا يوصلك إليه ، ويحرق ظلمات الطبع بأشعة البصيرة ، فيقوم بقلبه شاهد من شواهد الآخرة ، فينجذب إليها بكليته ، ويزهد في التعلقات الفانية ، ويدأب في تصحيح التوبة ، والقيام بالمأمورات الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات الظاهرة والباطنة ، ثم يقوم حارسا على قلبه ، فلا يسامحه بخطرة يكرهها الله ، ولا بخطرة فضول لا تنفعه ، فيصفو بذلك قلبه عن حديث النفس ووسواسها ، فيفدى من أسرها ، ويصير طليقا ، فحينئذ يخلو قلبه بذكر ربه ، ومحبته والإنابة إليه ، ويخرج من بين بيوت طبعه ونفسه ، إلى فضاء الخلوة بربه وذكره ، كما قيل :


وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك النفس في السر خاليا

فحينئذ يجتمع قلبه وخواطره وحديث نفسه على إرادة ربه ، وطلبه والشوق إليه .

فإذا صدق في ذلك رزق محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، واستولت روحانيته على قلبه ، فجعله إمامه ومعلمه ، وأستاذه وشيخه وقدوته ، كما جعله الله نبيه ورسوله وهاديا إليه ، فيطالع سيرته ومبادئ أمره ، وكيفية نزول الوحي عليه ، ويعرف صفاته وأخلاقه ، وآدابه في حركاته وسكونه ويقظته ومنامه ، وعبادته ومعاشرته لأهله وأصحابه ، حتى يصير كأنه معه من بعض أصحابه .

فإذا رسخ قلبه في ذلك : فتح عليه بفهم الوحي المنزل عليه من ربه ، بحيث لو قرأ السورة شاهد قلبه ما أنزلت فيه ، وما أريد بها ، وحظه المختص به منها من الصفات والأخلاق والأفعال المذمومة ، فيجتهد في التخلص منها كما يجتهد في الشفاء من المرض المخوف ، وشاهد حظه من الصفات والأفعال الممدوحة ، فيجتهد في تكميلها وإتمامها .

فإذا تمكن من ذلك انفتح في قلبه عين أخرى ، يشاهد بها صفات الرب جل جلاله ، حتى تصير لقلبه بمنزلة المرئي لعينه ، فيشهد علو الرب سبحانه فوق خلقه ، واستواءه على عرشه ، ونزول الأمر من عنده بتدبير مملكته ، وتكليمه بالوحي ، وتكليمه لعبده جبريل به ، وإرساله إلى من يشاء بما يشاء ، وصعود الأمور إليه ، وعرضها عليه .

فيشاهد قلبه ربا قاهرا فوق عباده ، آمرا ناهيا ، باعثا لرسله ، منزلا لكتبه ، معبودا [ ص: 252 ] مطاعا ، لا شريك له ، ولا مثيل ، ولا عدل له ، ليس لأحد معه من الأمر شيء ، بل الأمر كله له ، فيشهد ربه سبحانه قائما بالملك والتدبير ، فلا حركة ولا سكون ، ولا نفع ولا ضر ، ولا عطاء ولا منع ، ولا قبض ولا بسط إلا بقدرته وتدبيره ، فيشهد قيام الكون كله به ، وقيامه سبحانه بنفسه ، فهو القائم بنفسه ، المقيم لكل ما سواه .

فإذا رسخ قلبه في ذلك شهد الصفة المصححة لجميع صفات الكمال ، وهي الحياة التي كمالها يستلزم كمال السمع والبصر والقدرة والإرادة والكلام وسائر صفات الكمال ، وصفة القيومية الصحيحة المصححة لجميع الأفعال ، فالحي القيوم : من له كل صفة كمال ، وهو الفعال لما يريد .

فإذا رسخ قلبه في ذلك : فتح له مشهد القرب والمعية فيشهده سبحانه معه ، غير غائب عنه ، قريبا غير بعيد ، مع كونه فوق سماواته على عرشه ، بائنا من خلقه ، قائما بالصنع والتدبير ، والخلق والأمر ، فيحصل له مع التعظيم والإجلال الأنس بهذه الصفة ، فيأنس به بعد أن كان مستوحشا ، ويقوى به بعد أن كان ضعيفا ، ويفرح به بعد أن كان حزينا ، ويجد بعد أن كان فاقدا ، فحينئذ يجد طعم قوله : " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه " .

فأطيب الحياة على الإطلاق حياة هذا العبد ، فإنه محب محبوب ، متقرب إلى ربه ، وربه قريب منه ، قد صار له حبيبه لفرط استيلائه على قلبه ولهجه بذكره وعكوف همته على مرضاته بمنزلة سمعه وبصره ويده ورجله ، وهذه آلات إدراكه وعمله وسعيه ، فإن سمع سمع بحبيبه ، وإن أبصر أبصر به ، وإن بطش بطش به ، وإن مشى مشى به .

فإن صعب عليك فهم هذا المعنى ، وكون المحب الكامل المحبة يسمع ويبصر ويبطش ويمشي بمحبوبه ، وذاته غائبة عنه ، فاضرب عنه صفحا ، وخل هذا الشأن لأهله .


خل الهوى لأناس يعرفون به     قد كابدوا الحب حتى لان أصعبه

فإن السالك إلى ربه لا تزال همته عاكفة على أمرين ؛ استفراغ القلب في صدق [ ص: 253 ] الحب ، وبذل الجهد في امتثال الأمر ، فلا يزال كذلك حتى يبدو على سره شواهد معرفته ، وآثار صفاته وأسمائه ، ولكن يتوارى عنه ذلك أحيانا ، ويبدو أحيانا ، يبدو من عين الجود ، ويتوارى بحكم الفترة ، والفترات أمر لازم للعبد ، فكل عامل له شرة ، ولكل شرة فترة ، فأعلاها فترة الوحي ؛ وهي للأنبياء ، وفترة الحال الخاص للعارفين ، وفترة الهمة للمريدين ، وفترة العمل للعابدين ، وفي هذه الفترات أنواع من الحكمة والرحمة ، والتعرفات الإلهية ، وتعريف قدر النعمة ، وتجديد الشوق إليها ، ومحض التواجد إليها وغير ذلك .

ولا تزال تلك الشواهد تتكرر وتتزايد ، حتى تستقر ، وينصبغ بها قلبه ، وتصير الفترة غير قاطعة له ، بل تكون نعمة عليه ، وراحة له ، وترويحا وتنفيسا عنه .

فهمة المحب إذا تعلقت روحه بحبيبه ، عاكفا على مزيد محبته ، وأسباب قوتها ، فهو يعمل على هذا ، ثم يترقى منه إلى طلب محبة حبيبه له ، فيعمل على حصول ذلك ، ولا يعدم الطلب الأول ، ولا يفارقه ألبتة ، بل يندرج في هذا الطلب الثاني ، فتتعلق همته بالأمرين جميعا ، فإنه إنما يحصل له منزلة " كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به " بهذا الأمر الثاني ، وهو كونه محبوبا لحبيبه ، كما قال في الحديث " فإذا أحببته كنت سمعه وبصره " إلخ ، فهو يتقرب إلى ربه حفظا لمحبته له ، واستدعاء لمحبة ربه له .

فحينئذ يشد مئزر الجد في طلب محبة حبيبه له بأنواع التقرب إليه ، فقلبه ؛ للمحبة والإنابة والتوكل والخوف والرجاء ، ولسانه ؛ للذكر وتلاوة كلام حبيبه ، وجوارحه : للطاعات ، فهو لا يفتر عن التقرب من حبيبه .

وهذا هو السير المفضي إلى هذه الغاية التي لا تنال إلا به ، ولا يتوصل إليها إلا من هذا الباب ، وهذه الطريق ، وحينئذ تجمع له في سيره جميع متفرقات السلوك من الحضور والهيبة والمراقبة ونفي الخواطر وتخلية الباطن .

فإن المحب يشرع أولا في التقربات بالأعمال الظاهرة ، وهي ظاهر التقرب ، ثم يترقى من ذلك إلى حال التقرب ، وهو الانجذاب إلى حبيبه بكليته بروحه وقلبه ، وعقله وبدنه ، ثم يترقى من ذلك إلى حال الإحسان ، فيعبد الله كأنه يراه ، فيتقرب إليه حينئذ من باطنه بأعمال القلوب ؛ من المحبة والإنابة والتعظيم والإجلال والخشية ، فينبعث حينئذ من باطنه الجود ببذل الروح والجود في محبة حبيبه بلا تكلف ، فيجود بروحه ونفسه ، وأنفاسه وإرادته ، وأعماله لحبيبه حالا لا تكلفا ، فإذا وجد المحب [ ص: 254 ] ذلك فقد ظفر بحال التقرب وسره وباطنه ، وإن لم يجده فهو يتقرب بلسانه وبدنه وظاهره فقط ، فليدم على ذلك ، وليتكلف التقرب بالأذكار والأعمال على الدوام ، فعساه أن يحظى بحال القرب .

ووراء هذا القرب الباطن أمر آخر أيضا ، وهو شيء لا يعبر عنه بأحسن من عبارة أقرب الخلق إلى الله صلى الله عليه وسلم عن هذا المعنى ، حيث يقول حاكيا عن ربه تبارك وتعالى : من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة فيجد هذا المحب في باطنه ذوق معنى هذا الحديث ذوقا حقيقيا .

فذكر من مراتب القرب ثلاثة ، ونبه بها على ما دونها وما فوقها . فذكر تقرب العبد إليه بالبر ، وتقربه سبحانه إلى العبد ذراعا ، فإذا ذاق العبد حقيقة هذا التقرب انتقل منه إلى تقرب الذراع ، فيجد ذوق تقرب الرب إليه باعا .

فإذا ذاق حلاوة هذا القرب الثاني أسرع المشي حينئذ إلى ربه ، فيذوق حلاوة إتيانه إليه هرولة ، وهاهنا منتهى الحديث ، منبها على أنه إذا هرول عبده إليه كان قرب حبيبه منه فوق هرولة العبد إليه ، فإما أن يكون قد أمسك عن ذلك لعظيم شاهد الجزاء ، أو لأنه يدخل في الجزاء الذي لم تسمع به أذن ، ولم يخطر على قلب بشر ، أو إحالة له على المراتب المتقدمة ، فكأنه قيل له وقس على هذا ، فعلى قدر ما تبذل منك متقربا إلى ربك يتقرب إليك بأكثر منه ، وعلى هذا فلازم هذا التقرب المذكور في مراتبه ؛ أي من تقرب إلى حبيبه بروحه وجميع قواه ، وإرادته وأقواله وأعماله تقرب الرب منه سبحانه بنفسه في مقابلة تقرب عبده إليه .

[ ص: 255 ] وليس القرب في هذه المراتب كلها قرب مسافة حسية ولا مماسة ، بل هو قرب حقيقي ، والرب تعالى فوق سماواته على عرشه ، والعبد في الأرض .

وهذا الموضع هو سر السلوك ، وحقيقة العبودية ، وهو معنى الوصول الذي يدندن حوله القوم .

وملاك هذا الأمر هو قصد التقرب أولا ، ثم التقرب ثانيا ، ثم حال القرب ثالثا ، وهو الانبعاث بالكلية إلى الحبيب .

وحقيقة هذا الانبعاث : أن تفنى بمراده عن هواك ، وبما منه عن حظك ، بل يصير ذلك هو مجموع حظك ومرادك ، وقد عرفت أن من تقرب إلى حبيبه بشيء من الأشياء جوزي على ذلك بقرب هو أضعافه ، وعرفت أن أعلى أنواع التقرب تقرب العبد بجملته بظاهره وباطنه ، وبوجوده إلى حبيبه ، فمن فعل ذلك فقد تقرب بكله ، ولم تبق منه بقية لغير حبيبه ، كما قيل :


لا كان من لسواك فيه بقية     يجد السبيل بها إليه العذل

وإذا كان المتقرب إليه بالأعمال يعطي أضعاف أضعاف ما تقرب به ، فما الظن بمن أعطي حال التقرب وذوقه ووجده ؟ فما الظن بمن تقرب إليه بروحه ، وجميع إرادته وهمته ، وأقواله وأعماله ؟

وعلى هذا فكما جاد لحبيبه بنفسه ، فإنه أهل أن يجاد عليه ، بأن يكون ربه سبحانه هو حظه ونصيبه ، عوضا عن كل شيء ، جزاء وفاقا ، فإن الجزاء من جنس العمل . وشواهد هذا كثيرة .

منها : قوله تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ففرق بين الجزاءين كما ترى ، وجعل جزاء المتوكل عليه كونه سبحانه حسبه وكافيه .

ومنها : أن الشهيد لما بذل حياته لله أعاضه الله سبحانه حياة أكمل منها عنده في محل قربه وكرامته .

ومنها : أن من بذل لله شيئا أعاضه الله خيرا منه .

[ ص: 256 ] ومنها : قوله تعالى فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون .

ومنها : قوله في الحديث القدسي من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه .

ومنها : قوله من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا الحديث .

فالعبد لا يزال رابحا على ربه أفضل مما قدم له ، وهذا المتقرب بقلبه وروحه وعمله يفتح عليه ربه بحياة لا تشبه ما الناس فيه من أنواع الحياة ، بل حياة من ليس كذلك بالنسبة إلى حياته ، كحياة الجنين في بطن أمه بالنسبة إلى حياة أهل الدنيا ولذتهم فيها ، بل أعظم من ذلك .

فهذا نموذج من باين شرف هذه الحياة وفضلها ، وإن كان علم هذا يوجب لصاحبه حياة طيبة ، فكيف إن انصبغ القلب به ، وصار حالا ملازما لذاته ؟ فالله المستعان .

فهذه الحياة : هي حياة الدنيا ونعيمها في الحقيقة ، فمن فقدها ففقده لحياته الطبيعية أولى به .


هذي حياة الفتى فإن فقدت     ففقده للحياة أليق به

فلا عيش إلا عيش المحبين ، الذين قرت أعينهم بحبيبهم ، وسكنت نفوسهم إليه ، واطمأنت قلوبهم به ، واستأنسوا بقربه ، وتنعموا بحبه ، ففي القلب فاقة لا يسدها إلا محبة الله والإقبال عليه والإنابة إليه ، ولا يلم شعثه بغير ذلك ألبتة ، ومن لم يظفر بذلك : فحياته كلها هموم وغموم ، وآلام وحسرات ، فإنه إن كان ذا همة عالية تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، فإن همته لا ترضى فيها بالدون وإن كان مهينا خسيسا ، فعيشه كعيش أخس الحيوانات ، فلا تقر العيون إلا بمحبة الحبيب الأول .


نقل فؤادك حيث شئت من الهوى     ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى     وحنينه أبدا لأول منزل

التالي السابق


الخدمات العلمية