بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( وأما ) بيان حكمه إذا فسد ففساد الحج يتعلق به أحكام : منها وجوب الشاة عندنا وقال الشافعي : وجوب بدنة ( وجه ) قوله إن الجماع بعد الوقوف إنما أوجب البدنة لتغليظ الجناية ، والجناية قبل الوقوف أغلظ ; لوجودها حال قيام الإحرام المطلق لبقاء ركني الحج وبعد الوقوف لم يبق إلا أحدهما ، فلما وجبت البدنة بعد الوقوف فلأن تجب قبله أولى ، ولنا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : البدنة في الحج في موضعين أحدهما : إذا طاف للزيارة جنبا ورجع إلى أهله ولم يعد ، والثاني : إذا جامع بعد الوقوف ، وروينا عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا : وعليهما هدي واسم ، الهدي وإن كان يقع على الغنم والإبل والبقر لكن الشاة أدنى ، والأدنى متيقن به فحمله على الغنم أولى على أنه روينا { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الهدي فقال أدناه شاة } ويجزئ فيه شركة في جزور أو ، بقرة ، لما روي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرك بين أصحابه رضي الله عنهم في البدن عام الحديبية فذبحوا البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة " واعتباره بما قبل الوقوف غير سديد ; لأن الجناية قبل الوقوف أخف من الجناية بعده ; لأن الجماع قبل الوقوف أوجب القضاء ; لأنه أوجب فساد الحج ، والقضاء خلف عن الفائت ، فيجبر معنى الجناية فتخف الجناية فيوجب نقصان الموجب ، وبعد الوقوف لا يفسد الحج عندنا لما ذكرنا فلم يجب القضاء فلم يوجد ما تجب به الجناية فبقيت متغلظة فتغلظ الموجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية