بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

ومنها المعاشرة بالمعروف ، وأنه مندوب إليه ، ومستحب قال الله تعالى : { وعاشروهن بالمعروف } قيل هي المعاشرة بالفضل والإحسان قولا وفعلا وخلقا قال النبي : صلى الله عليه وسلم { خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي } ، وقيل المعاشرة بالمعروف هي أن يعاملها بما لو فعل بك مثل ذلك لم تنكره بل تعرفه ، وتقبله وترضى به ، وكذلك من جانبها هي مندوبة إلى المعاشرة الجميلة مع زوجها بالإحسان باللسان ، واللطف في الكلام ، والقول المعروف الذي يطيب به نفس الزوج ، وقيل في ، قوله تعالى { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } أن الذي عليهن من حيث الفضل والإحسان هو أن يحسن إلى أزواجهن بالبر باللسان ، والقول بالمعروف ، والله عز وجل أعلم .

ويكره للزوج أن يعزل عن امرأته الحرة بغير رضاها ; لأن الوطء عن إنزال سبب لحصول الولد ، ولها في الولد حق ، وبالعزل يفوت الولد ، فكأنه سببا لفوات حقها ، وإن كان العزل برضاها لا يكره ; لأنها رضيت بفوات حقها ، ولما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { اعزلوهن أو لا تعزلوهن إن الله تعالى إذا أراد خلق نسمة ، فهو خالقها } إلا أن العزل حال عدم الرضا صار مخصوصا ، وكذلك إذا كانت المرأة أمة الغير أنه يكره العزل عنها من غير رضا لكن يحتاج إلى رضاها أو رضا مولاها قال أبو حنيفة : الإذن في [ ص: 335 ] ذلك إلى المولى .

وقال أبو يوسف ، ومحمد : إليها ( وجه ) قولهما أن قضاء الشهوة حقها ، والعزل يوجب نقصانا في ذلك ، ولأبي حنيفة أن كراهة العزل لصيانة الولد ، والولد له لا لها ، والله عز وجل أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية