بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

وأما بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان وهو القذف عند القاضي فسبب ظهور القذف نوعان : أحدهما البينة إذا خاصمت المرأة فأنكر القذف والأفضل أن تترك الخصومة والمطالبة لما فيها من إشاعة الفاحشة وكذا تركها من باب الفضل والإكرام وقد قال الله تعالى { ولا تنسوا الفضل بينكم } فإن لم تترك وخاصمته إلى القاضي يستحسن للقاضي أن يدعوهما إلى الترك فيقول لها : اتركي وأعرضي عن هذا ; لأنه دعاء إلى ستر الفاحشة وأنه مندوب إليه فإن تركت وانصرفت ثم بدا لها أن تخاصمه فلها ذلك وإن تقادم العهد ; لأن ذلك حقها وحق العبد لا يسقط بالتقادم فإن خاصمته وادعت عليه أنه قذفها بالزنا فجحد الزوج لا يقبل منها في إثبات القذف إلا بشهادة رجلين عدلين .

ولا تقبل شهادة النساء ، ولا الشهادة على الشهادة ، ولا كتاب القاضي إلى القاضي كما لا يقبل في إثبات القذف على الأجنبي ; لأن اللعان قائم مقام حد القذف وأسباب الحدود ، ولا يقبل في إثباتها شهادة النساء على النساء ولا الشهادة على الشهادة ولا كتاب القاضي إلى القاضي لتمكن زيادة شبهة ليست في غيرها والحدود تدرأ بالشبهات ، والثاني الإقرار بالقذف وشرط ظهور القذف بالبينة ، والإقرار هو الخصومة والدعوى لما نذكر في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية