وأما الضرورة فنحو 
أن يموت أحد العبدين قبل الاختيار فيعتق الآخر ; لأنه بالموت خرج من أن يكون محلا لاختيار العتق المبهم فتعين الآخر ضرورة من غير تعيين المولى لا نصا ولا دلالة ، وهذا يدل على أن العتق غير نازل إذ لو كان نازلا ، لما تعين الآخر للعتق ; لأن التعيين للضرورة وهي ضرورة عدم المحل ولا ضرورة ; لأن الميت كان محلا للبيان إذ البيان تعيين لمن وقع عليه العتق بالإيجاب السابق وقت وجوده وكان حيا في ذلك الوقت ، وهذا بخلاف ما إذا 
باع أحد عبديه على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام ، فمات أحدهما أن ملك المشتري يتعين في الميت منهما ولا يتعين في الحي ; لأن هناك وجد المسقط للخيار في الميت قبل الموت وهو حدوث العيب فيه ، إذ الموت لا يخلو عن مقدمة مرض عادة ، فحدوث العيب فيه يبطل خيار المشتري فيه ; فيتعين بالبيع فيتعين الحي للرد ، وههنا حدوث العيب في أحدهما لا يوجب تعيينه للملك قبل الموت فيتعين للموت فيتعين الآخر للعتق ضرورة ، بخلاف ما 
إذا قال : أحد هذين ابني أو أحد هاتين أم ولدي ، فمات أحدهما لم يتعين الآخر للحرية والاستيلاد ، كذا روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد    ; لأن قوله : أحد هاتين أم ولدي ، أو أحد هذين ابني ، ليس بإنشاء بل هو إخبار عن أمر سابق والإخبار يصح في الحي والميت فيقف على بيانه ، وقوله 
  : أحدكما حر ، أو أحد هذين حر إنشاء للحرية في أحدهما ، والإنشاء لا يصح إلا في الحي ، فإذا مات أحدهما تعين الآخر للحرية ، وكذا إذا قتل أحدهما سواء قتله المولى أو أجنبي ; لما قلنا ، غير أن القتل إن كان من المولى فلا شيء عليه وإن كان من الأجنبي فعليه قيمة العبد المقتول للمولى ، فإن اختار المولى عتق المقتول لا يرتفع العتق عن الحي ولكن قيمة المقتول  
[ ص: 105 ] تكون لورثته ; لأن المولى قد أقر بحريته فلا يستحق شيئا من قيمته ، فإن قطعت يد أحدهما لا يعتق الآخر سواء كان القطع من المولى أو من أجنبي ; لأن القطع لا يقطع خيار المولى لبقاء محل الخيار بخلاف القتل فإن قطع أجنبي يد أحدهما ثم بين المولى العتق فإن بينه في غير المجني عليه فالأرش للمولى بلا شك ، وإن بينه في المجني عليه ذكر 
القدوري  في شرحه أن الأرش للمولى أيضا ولا شيء للمجني عليه من الأرش . 
وذكر 
القاضي  في شرحه مختصر الطحاوي إن الأرش يكون للمجني عليه ، وهكذا ذكر القاضي فيما إذا قطع المولى ، ثم بين العتق أنه إن بينه في المجني عليه يجب عليه أرش الأحرار ويكون للعبد ، وعلل بأنه 
أقر على نفسه بأنه جنى على حر ، وإن بينه في غير المجني عليه فلا شيء على المولى . 
ولم يذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري  هذا الفصل وإنما ذكر فصل الأجنبي ، وما ذكره القاضي قياس مذهب التنجيز ; لأن البيان يكون تعيينا لمن وقع عليه العتق فيتبين أنه كان حرا وقت ورود الجناية عليه ; فيوجب أرش الأحرار على المولى للعبد ، وما ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري  قياس مذهب التعليق ; لأن العتق ثبت وقت الاختيار مقصورا عليه فلا يظهر ; لأن الجناية صادفت يد حر ، والله عز وجل أعلم .