بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( ومنها ) نزح ما وجب من الدلاء ، أو نزح جميع الماء بعد استخراج الواقع في البئر من الآدمي ، أو غيره من الحيوان في تطهير البئر عرفنا ذلك بالخبر وإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ما ذكرنا فيما تقدم ، ثم إذا وجب نزح جميع الماء من البئر فينبغي أن تسد جميع منابع الماء إن أمكن ، ثم ينزح ما فيها من الماء النجس ، وإن لم يمكن سد منابعه لغلبة الماء - روي عن أبي حنيفة في غير رواية الأصول أنه ينزح مائة دلو .

وروي مائتا دلو ، وعن محمد أنه ينزح مائتا دلو ، أو ثلاثمائة دلو ، وعن أبي يوسف روايتان : في رواية : يحفر بجنبها حفيرة مقدار عرض الماء ، وطوله وعمقه ، ثم ينزح ماؤها ويصب في الحفيرة ، حتى تمتلئ فإذا امتلأت حكم بطهارة البئر ، وفي رواية : يرسل فيها قصبة ، ويجعل لمبلغ الماء علامة ، ثم ينزح منها عشرة دلاء مثلا ، ثم ينظر كم انتقص فينزح بقدر ذلك والأوفق في الباب ما روي عن أبي نصر محمد بن محمد بن سلام أنه يؤتى برجلين لهما بصارة في أمر الماء فينزح بقولهما ; لأن ما يعرف بالاجتهاد يرجع فيه إلى أهل الاجتهاد في ذلك الباب ، ثم اختلف في الدلو الذي ينزح به الماء النجس قال بعضهم : المعتبر في كل بئر دلوها ، صغيرا كان أو كبيرا .

وروي عن أبي حنيفة أنه يعتبر دلو يسع قدر صاع ، وقيل : المعتبر هو المتوسط بين الصغير والكبير .

وأما حكم طهارة الدلو والرشاء فقد روي عن أبي يوسف أنه سئل عن الدلو الذي ينزح به الماء النجس من البئر أيغسل أم لا ؟ قال : لا بل يطهره ما طهر البئر وكذا روي عن الحسن بن زياد أنه قال إذا طهرت البئر يطهر الدلو والرشاء ، كما يطهر طين البئر وحمأته ; لأن نجاستهما بنجاسة البئر ، وطهارتهما يكون بطهارة البئر [ ص: 87 ] أيضا ، كالخمر إذا تخلل في دن ، أنه يحكم بطهارة الدن .

التالي السابق


الخدمات العلمية