بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
وأما سنه فلا يجوز شيء مما ذكرنا من الإبل والبقر والغنم من الأضحية إلا الثني من كل جنس إلا الجذع من الضأن خاصة إذا كان عظيما ; لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { ضحوا بالثنايا إلا أن يعز على أحدكم فيذبح الجذع في الضأن } وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { يجزي الجذع من الضأن عما يجزي فيه الثني من المعز } .

وروي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فشم قتارا فقال : ما هذا ؟ فقالوا : أضحية أبي بردة فقال عليه الصلاة والسلام تلك شاة لحم ، فجاء أبو بردة فقال : يا رسول الله عندي عناق خير من شاتي لحم ، فقال عليه الصلاة والسلام تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك } .

وروي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال : { خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد فقال : إن أول نسككم هذه الصلاة ثم الذبح ، فقام إليه خالي أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله كان يومنا نشتهي فيه اللحم فعجلنا فذبحنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبدلها ، فقال : يا رسول الله عندي ماعز جذع فقال : هي لك وليست لأحد بعدك } وروي { أن رجلا قدم المدينة بغنم جذاع فلم تنفق معه فذكر ذلك لأبي هريرة رضي الله عنه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : نعمت الأضحية الجذع من الضأن } وروي : الجذع السمين من الضأن ; فلما سمع الناس هذا الحديث انتهبوها أي تبادروا إلى شرائها وتخصيص هذه القربة بسن دون سن أمر لا يعرف إلا بالتوقيف فيتبع ذلك .

( وأما ) معاني هذه الأسماء فقد ذكر القدوري رحمه الله أن الفقهاء قالوا : الجذع من الغنم ابن ستة أشهر والثني منه ابن سنة ، والجذع من البقر ابن سنة والثني ابن سنتين ، والجذع من الإبل ابن أربع سنين والثني منها ابن خمس وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي في الثني من الإبل ما تم له أربع سنين وطعن في الخامسة وذكر الزعفراني في الأضاحي : الجذع ابن ثمانية أشهر أو تسعة أشهر ، والثني من الشاة والمعز ما تم له حول وطعن في السنة الثانية ، ومن البقر ما تم له حولان وطعن في السنة الثالثة ، ومن الإبل ما تم له خمس سنين وطعن في السنة السادسة ، وتقدير هذه الأسنان بما قلنا لمنع النقصان لا لمنع الزيادة ; حتى لو ضحى بأقل من ذلك سنا لا يجوز ولو ضحى بأكثر من ذلك سنا يجوز ويكون أفضل ، ولا يجوز في الأضحية حمل ولا جدي ولا عجل ولا فصيل ; لأن الشرع إنما ورد بالأسنان التي ذكرناها وهذه لا تسمى بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية