بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( وأما ) الإطعام في كفارتي الظهار والإفطار فالكلام في جوازه صفة وقدرا ومحلا كالكلام في كفارة اليمين وقد ذكرناه وعدم المسيس في خلال الإطعام في كفارة الظهار ليس بشرط حتى لو جامع في خلال الإطعام لا يلزمه الاستئناف لأن الله تبارك وتعالى لم يشترط ذلك في هذه الكفارة لقوله سبحانه وتعالى { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } من غير شرط ترك المسيس ، إلا أنه منع من الوطء قبله ; لجواز أن يقدر على الصوم أو الاعتكاف ، فتنتقل الكفارة إليهما ، فيتبين أن الوطء كان حراما على ما ذكرنا في كتاب الظهار .

[ ص: 112 ] والكلام في الإطعام في كفارة الحلق ، كالكلام في كفارة اليمين ، إلا في عدد من يطعم وهم ستة مساكين ; لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه فأما في الصفة والقدر والمحل ، فلا يختلفان حتى يجوز فيه التمليك والتمكين وهذا قول أبي يوسف وقال محمد : لا يجوز فيها إلا التمليك ، كذا حكى الشيخ القدوري رحمه الله الخلاف ، وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي رحمه الله قول أبي حنيفة مع أبي يوسف .

( وجه ) قول محمد رحمه الله أن جواز التمكين في طعام كفارة اليمين ; لورود النص بلفظ الإطعام ، إذ هو في عرف اللغة اسم لتقديم الطعام على وجه الإباحة ، والنص ورد ههنا بلفظ الصدقة ، وإنها تقتضي التمليك ، لكنه معلل بدفع الحاجة ، والتصدق تمليك فأشبه الزكاة والعشر ، ( ولهما ) أن النص وإن ورد بلفظ الصدقة ، وإنها تقتضي التمليك ، لكنه معلل بدفع الحاجة ، وذا يحصل بالتمكين فوق ما يحصل بالتمليك على ما بينا ، ولهذا جاز دفع القيمة وإن فسرت الصدقة بثلاث أصوع في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية