بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( ومنها ) أنه يحد شاربها قليلا أو كثيرا لإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم على ذلك ولو شرب خمرا ممزوجا بالماء إن كانت الغلبة للخمر يجب الحد ، وإن غلب الماء عليها حتى زال طعمها وريحها لا يجب لأن الغلبة إذا كانت للخمر فقد بقي اسم الخمر ومعناها وإذا كانت الغلبة للماء فقد زال الاسم والمعنى إلا أنه يحرم شرب الماء الممزوج بالخمر لما فيه من أجزاء الخمر حقيقة وكذا يحرم شرب الخمر المطبوخ لأن الطبخ لا يحل حراما ولو شربها يجب الحد لبقاء الاسم والمعنى بعد الطبخ ولو شرب دردي الخمر لا حد عليه إلا إذا سكر لأنه لا يسمى خمرا ومعنى الخمرية فيه ناقص لكونه مخلوطا بغيره فأشبه المنصف وإذا سكر منه يجب حد السكر كما في المنصف ويحرم شربه لما فيه من أجزاء الخمر ومن وجد منه رائحة الخمر أو قاء خمرا لا حد عليه لأنه يحتمل أنه شربها مكرها فلا يجب مع الاحتمال ، ولا حد على أهل الذمة وإن سكروا من الخمر لأنها حلال عندهم ، وعن الحسن بن زياد رحمه الله أنهم يحدون إذا سكروا لأن السكر حرام في الأديان كلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية