بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ولا يجوز السلم في اللحم في قول أبي حنيفة ، وقال أبو يوسف ومحمد : يجوز إذا بين جنسه ونوعه وصفته وقدره وسنه وموضعه ; لأن الفساد لمكان الجهالة ، وقد زالت ببيان هذه الأشياء ; ولهذا كان مضمونا بالمثل في ضمان العدوان ، ولأبي حنيفة أن الجهالة تبقى بعد بيان ما ذكرناه من وجهين .

( أحدهما ) - من جهة الهزال والسمن .

( والثاني - ) من جهة قلة العظم وكثرته ، وكل واحدة منهما مفضية إلى المنازعة ، وقياس الوجه الثاني أنه لو أسلم في منزوع العظم يجوز ، وهو رواية الكرخي عن أبي حنيفة رحمهما الله وقياس الوجه الأول أنه لا يجوز كيف ما كان ، وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة ، وهو الصحيح ; لأنه إن زالت الجهالة من إحدى الجهتين بقيت من جهة أخرى وهي جهالة السمن والهزال فكان المسلم فيه مجهولا فلا يصح السلم ، إلا أنه جعل مثلا في ضمان العدوان وسقط اعتبار التفاوت فيه شرعا تحقيقا لمعنى الزجر من وجه ; لأن ذلك لا يحصل بالقيمة ; لأن للناس رغائب في الأعيان ما ليس في قيمتها ، ويجوز السلم في الألية [ ص: 211 ] والشحم وزنا ; لأنه لا تختلف بالسمن والهزال إلا يسيرا بخلاف اللحم ، فإن التفاوت بين غير السمين والسمين ، والمهزول وغير المهزول تفاوت فاحش .

التالي السابق


الخدمات العلمية