بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( ومنها ) أن يكون رأس المال من ذوات الأمثال .

وهو شرط جواز المرابحة على الإطلاق وكذلك التولية وبيان ذلك أن رأس المال لا يخلو إما أن يكون مما له مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة ، وإما أن يكون مما لا مثل له من الذرعيات والمعدودات المتفاوتة ، فإن كان مما له مثل يجوز بيعه مرابحة على الثمن الأول وتولية مطلقا ، سواء باعه من بائعه أو من غيره ، وسواء جعل الربح من جنس رأس المال في المرابحة أو من خلاف جنسه بعد أن كان الثمن الأول معلوما والربح معلوما ، وإن كان مما لا مثل له من العروض لا يجوز بيعه مرابحة ولا تولية ممن ليس ذلك العرض في ملكه ; لأن المرابحة بيع بمثل الثمن الأول وكذلك التولية ، فإذا لم يكن الثمن الأول مثل جنسه فإما أن يقع البيع على غير ذلك العرض ، وإما أن يقع على قيمته ، وعينه ليس في ملكه وقيمته مجهولة تعرف بالحزر والظن لاختلاف أهل التقويم فيها ، ويجوز بيعه تولية ممن العرض في ملكه ويده .

وأما بيعه مرابحة ممن العرض في ملكه ويده فينظر إن جعل الربح شيئا مفردا عن رأس المال معلوما كالدراهم وثوب معين ونحو ذلك جاز ; لأن الثمن الأول معلوم والربح معلوم ، وإن جعل الربح جزءا من رأس المال بأن قال : بعتك الثمن الأول بربح ده يازده لا يجوز ; لأنه جعل الربح جزءا من العرض والعرض ليس متماثل الأجزاء وإنما يعرف ذلك بالتقوم ، والقيمة مجهولة ; لأن معرفتها بالحزر والظن .

وأما بيعه مواضعة ممن العرض في يده وملكه ، فالجواب فيها على العكس من المرابحة وهو أنه إن جعل الوضيعة شيئا منفردا عن رأس المال معلوما كالدراهم ونحوه لا يجوز ; لأنه يحتاج إلى وضع ذلك القدر عن رأس المال وهو مجهول ، وإن جعلها من جنس رأس المال بأن باعه بوضع ده يازده جاز البيع بعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من رأس المال ; لأن الموضوع جزء شائع من رأس مال معلوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية