بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( ومنها ) أن يمسح على ظاهر الخف ، حتى لو مسح على باطنه لا يجوز ، وهو قول عمر ، وعلي ، وأنس رضي الله عنهم ، وهو ظاهر مذهب الشافعي ، وعنه أنه لو اقتصر على الباطن لا يجوز ، والمستحب عندنا الجمع بين الظاهر ، والباطن في المسح ، إلا إذا كان على باطنه نجاسة .

وحكى إبراهيم بن جابر في كتاب الاختلاف الإجماع على أن الاقتصار على أسفل الخف لا يجوز ، وكذا لو مسح على العقب ، أو على جانبي الخف ، أو على الساق لا يجوز ، والأصل فيه ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : سمعت { رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح على ظاهر الخفين } .

، وعن علي رضي الله عنه أنه قال : لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره ، ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه دون باطنهما ، ولأن باطن الخف لا يخلو عن لوث عادة ، فالمسح عليه يكون تلويثا لليد ، ولأن فيه بعض الحرج ، وما شرع المسح إلا لدفع الحرج ، ، ولا تشترط النية في المسح على الخفين كما لا تشترط في مسح الرأس .

والجامع أن كل واحد منهما ليس ببدل عن الغسل ، بدليل أنه يجوز مع القدرة على الغسل ، بخلاف التيمم .

وكذا فعل المسح ليس بشرط لجوازه بدونه أيضا ، بل الشرط إصابة الماء ، حتى لو خاض الماء ، أو أصابه المطر ، جاز عن المسح ، ولو مر بحشيش مبتل ، فأصاب البلل ظاهر خفيه ، إن كان بلل الماء أو المطر جاز ، وإن كان بلل الطل قيل : لا يجوز ; لأن الطل ليس بماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية