بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

وأما بيان ما يكره من البياعات وما يتصل بها .

فأما البياعات المكروهة ( فمنها ) التفريق بين الرقيق في البيع ، والأصل فيه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا توله والدة عن ولدها } والتفرق بينهما توليه فكان منهيا .

وروي أن { النبي عليه الصلاة والسلام رأى امرأة والهة في السبي فسأل عن شأنها فقيل : قد بيع ولدها فأمر بالرد } وقال عليه الصلاة والسلام { : من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة } وهذا خرج مخرج الوعيد .

وروي أنه قال عليه الصلاة والسلام { : لا يجتمع عليهم السبي والتفريق حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية ونهى عن التفريق في حال الصغر } .

وروي أنه عليه الصلاة والسلام { وهب من سيدنا علي رضي الله عنه غلامين صغيرين فباع أحدهما فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فقال : بعت أحدهما فقال عليه الصلاة والسلام : بعهما أو رد } ، والأمر بالجمع بينهما في البيع أو رد البيع فيهما دليل على كراهة التفريق ; ولأن التفريق بين الصغير والكبير نوع إضرار بهما ; لأن الصغير ينتفع بشفعة الكبير ويسكن إليه والكبير يستأنس بالصغير ، وذا يفوت [ ص: 229 ] بالتفريق فيلحقهما الوحشة فكان التفريق إضرارا بهما بإلحاق الوحشة ، وكذا بين الصغيرين ; لأنهما يأتلفان ويسكن قلب أحدهما بصاحبه فكان التفريق بينهما إيحاشا بهما فكره ولأن الصبا من أسباب الرحمة قال عليه الصلاة والسلام { : من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منا } وفي التفريق ترك الرحمة فكان مكروها .

التالي السابق


الخدمات العلمية