بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

وأما بيان سنن الأذان فسنن الأذان في الصلاة نوعان : نوع يرجع إلى نفس الأذان ، ونوع يرجع إلى صفات المؤذن .

( أما ) الذي يرجع إلى نفس الأذان فأنواع : منها - أن يجهر بالأذان فيرفع به صوته ; لأن المقصود وهو الإعلام يحصل به ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن زيد علمه بلالا فإنه أندى وأمد صوتا منك ؟ ولهذا كان الأفضل أن يؤذن في موضع يكون أسمع للجيران كالمئذنة ونحوها ، ولا ينبغي أن يجهد نفسه ; لأنه يخاف حدوث بعض العلل كالفتق وأشباه ذلك ، دل عليه ما روي أن عمر رضي الله عنه قال لأبي محذورة أو لمؤذن بيت المقدس حين رآه يجهد نفسه في الأذان : أما تخشى أن ينق طع مريطاؤك وهو ما بين السرة إلى العانة ، وكذا يجهر بالإقامة لكن دون الجهر بالأذان ; لأن المطلوب من الإعلام بها دون المقصود من الأذان .

( ومنها ) أن يفصل بين كلمتي الأذان بسكتة ، ولا يفصل بين كلمتي الإقامة بل يجعلها كلاما واحدا ; لأن الإعلام المطلوب من الأول لا يحصل إلا بالفصل ، والمطلوب من الإقامة يحصل بدونه .

( ومنها ) - أن يترسل في الأذان ويحدر في الإقامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه : { إذا أذنت فترسل ، وإذا أقمت فاحدر } وفي رواية : { فاحذم ، } وفي رواية : { فاحذف } ولأن الأذان لإعلام الغائبين بهجوم الوقت ، وذا في الترسل أبلغ ، والإقامة لإعلام الحاضرين بالشروع في الصلاة ، وإنه يحصل بالحدر ، ولو ترسل فيهما أو حدر أجزأه لحصول أصل المقصود وهو : الإعلام .

( ومنها ) أن يرتب بين كلمات الأذان والإقامة ، حتى لو قدم البعض على البعض ترك المقدم ثم يرتب ويؤلف ويعيد المقدم ; لأنه لم يصادف محله فلغا ، وكذلك إذا ثوب بين الأذان والإقامة في الفجر فظن أنه في الإقامة فأتمها ، ثم تذكر قبل الشروع في الصلاة - فالأفضل أن يأتي بالإقامة من أولها إلى آخرها مراعاة للترتيب ، ودليل كون الترتيب أن النازل من السماء رتب ، وكذا المروي عن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما رتبا ; ولأن الترتيب في الصلاة فرض ، والأذان شبيه بها فكان الترتيب فيه سنة ( ومنها ) أن يوالي بين كلمات الأذان والإقامة ; لأن النازل من السماء والى وعليه عمل مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه لو أذن فظن أنه الإقامة ، ثم علم بعد ما فرغ - فالأفضل أن يعيد الأذان ، ويستقبل الإقامة مراعاة للموالاة وكذا إذا أخذ في الإقامة وظن أنه في الأذان ، ثم علم - فالأفضل أن يبتدئ الإقامة لما قلنا ، وعلى هذا إذا غشي عليه في الأذان والإقامة ساعة ، أو مات ، أو ارتد عن الإسلام ثم أسلم ، أو أحدث فذهب وتوضأ ، ثم جاء - فالأفضل هو الاستقبال لما قلنا ، والأولى له إذا أحدث في أذانه أو إقامته أن يتمها ثم يذهب ويتوضأ ويصلي ; لأن ابتداء الأذان والإقامة مع الحدث جائز ، فالبناء أولى .

ولو أذن ثم ارتد عن الإسلام فإن شاءوا أعادوا ; لأنه عبادته محضة ، والردة محبطة للعبادات ، فيصير ملحقا بالعدم وإن شاءوا اعتدوا به لحصول المقصود وهو الإعلام وكذا يكره للمؤذن أن يتكلم في أذانه أو إقامته ، لما فيه من ترك سنة الموالاة ; ولأنه ذكر معظم كالخطبة فلا يسع ترك حرمته ويكره له رد السلام في الأذان لما قلنا ، وعن سفيان الثوري أنه لا بأس بذلك ; لأنه فرض ، ولكنا نقول : إنه يحتمل التأخير إلى الفراغ من الأذان .

( ومنها ) أن يأتي بالأذان والإقامة مستقبل القبلة ; لأن النازل من السماء هكذا فعل ، وعليه إجماع الأمة ، ولو ترك الاستقبال يجزيه لحصول المقصود وهو الإعلام ، لكنه يكره لتركه السنة المتواترة ، إلا أنه إذا انتهى إلى الصلاة والفلاح حول وجهه يمينا وشمالا ، كذا فعل النازل من السماء ، ولأن هذا خطاب للقوم فيقبل بوجهه إليهم إعلاما لهم ، كالسلام في الصلاة ، وقدماه مكانهما ليبقى مستقبل القبلة بالقدر الممكن كما في السلام والصلاة ، ويحول وجهه مع بقاء البدن مستقبل القبلة كذا ههنا وإن كان في الصومعة : فإن كانت ضيقة لزم مكانه ، لانعدام الحاجة إلى الاستدارة وإن كانت واسعة فاستدار فيها ليخرج رأسه من نواحيها فحسن ; لأن الصومعة إذا كانت متسعة فالإعلام لا يحصل [ ص: 150 ] بدون الاستدارة .

( ومنها ) أن يكون التكبير جزما ، وهو قوله : الله أكبر لقوله صلى الله عليه وسلم : الأذان جزم .

( ومنها ) ترك التلحين في الأذان ، لما روي أن رجلا جاء إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال : إني أحبك في الله تعالى فقال ابن عمر : إني أبغضك في الله تعالى فقال : لم قال : لأنه بلغني أنك تغني في أذانك ، يعني التلحين ، أما التفخيم فلا بأس به ; لأنه إحدى اللغتين .

( ومنها ) الفصل - فيما سوى المغرب - بين الأذان والإقامة ; لأن الإعلام المطلوب من كل واحد منهما لا يحصل إلا بالفصل ، والفصل - فيما سوى المغرب - بالصلاة أو بالجلوس مسنون ، والوصل مكروه ، وأصله ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لبلال : { إذا أذنت فترسل ، وإذا أقمت فاحدر } ، وفي رواية فاحذف ، وفي رواية { فاحذم ، وليكن بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله ، والشارب من شربه ، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ، ولا تقوموا في الصف حتى تروني } ; ولأن الأذان لاستحضار الغائبين فلا بد من الإمهال ليحضروا ، ثم لم يذكر في ظاهر الرواية مقدار الفصل ، وروى الحسن عن أبي حنيفة في الفجر قدر ما يقرأ عشرين آية ، وفي الظهر قدر ما يصلي أربع ركعات يقرأ في كل ركعة نحوا من عشر آيات ، وفي العصر مقدار ما يصلي ركعتين يقرأ في كل ركعة نحوا من عشر آيات ، وفي المغرب يقوم مقدار ما يقرأ ثلاث آيات ، وفي العشاء كما في الظهر وهذا ليس بتقدير لازم ، فينبغي أن يفعل مقدار ما يحضر القوم مع مراعاة الوقت المستحب وأما المغرب فلا يفصل فيها بالصلاة عندنا ، وقال الشافعي : يفصل بركعتين خفيفتين اعتبارا بسائر الصلوات .

( ولنا ) ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { بين كل أذانين صلاة لمن شاء إلا المغرب } ، وهذا نص ، ولأن مبنى المغرب على التعجيل لما روى أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لن تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم } ، والفصل بالصلاة تأخير لها ، فلا يفصل بالصلاة ، وهل يفصل بالجلوس ؟ قال أبو حنيفة : لا يفصل .

وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - : يفصل بجلسة خفيفة كالجلسة التي بين الخطبتين ( وجه ) قولهما أن الفصل مسنون ، ولا يمكن بالصلاة ، فيفصل بالجلسة لإقامة السنة ولأبي حنيفة أن الفصل بالجلسة تأخير للمغرب ، وأنه مكروه ، ولهذا لم يفصل بالصلاة فبغيرها أولى ، ولأن الوصل مكروه ، وتأخير المغرب أيضا مكروه ، والتحرز عن الكراهتين يحصل بسكتة خفيفة ، وبالهيئة من الترسل والحذف ، والجلسة لا تخلو عن أحدهما ، وهي كراهة التأخير فكانت مكروهة ( وأما ) الذي يرجع إلى صفات المؤذن فأنواع أيضا : ( منها ) - أن يكون رجلا ، فيكره أذان المرأة باتفاق الروايات ; لأنها إن رفعت صوتها فقد ارتكبت معصية ، وإن خفضت فقد تركت سنة الجهر ; ولأن أذان النساء لم يكن في السلف فكان من المحدثات وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { كل محدثة بدعة } ، ولو أذنت للقوم أجزأهم حتى لا تعاد لحصول المقصود وهو : الإعلام .

وروي عن أبي حنيفة أنه يستحب الإعادة وكذا أذان الصبي العاقل ، وإن كان جائزا حتى لا يعاد ذكره في ظاهر الرواية لحصول المقصود وهو : الإعلام ، لكن أذان البالغ أفضل ; لأنه في مراعاة الحرمة أبلغ وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه قال : أكره أن يؤذن من لم يحتلم ; لأن الناس لا يعتدون بأذانه ، وأما أذان الصبي الذي لا يعقل فلا يجزئ ويعاد ; لأن ما يصدر لا عن عقل لا يعتد به كصوت الطيور .

( ومنها ) : أن يكون عاقلا ، فيكره أذان المجنون والسكران الذي لا يعقل ; لأن الأذان ذكر معظم وتأذينهما ترك لتعظيمه ، وهل يعاد ؟ ذكر في ظاهر الرواية : أحب إلي أن يعاد ; لأن عامة كلام المجنون والسكران هذيان ، فربما يشتبه على الناس فلا يقع به الإعلام .

( ومنها ) - أن يكون تقيا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن } ، والأمانة لا يؤديها إلا التقي .

( ومنها ) : أن يكون عالما بالسنة لقوله صلى الله عليه وسلم : { : يؤمكم أقرؤكم ، ويؤذن لكم خياركم } ، وخيار الناس العلماء ; ولأن مراعاة سنن الأذان لا يتأتى إلا من العالم بها ، ولهذا إن أذان العبد والأعرابي وولد الزنا ، وإن كان جائزا لحصول المقصود وهو الإعلام ، لكن غيرهم أفضل ; لأن العبد لا يتفرغ لمراعاة الأوقات لاشتغاله بخدمة المولى ، ولأن الغالب عليه الجهل ، وكذا الأعرابي وولد الزنا الغالب عليهما الجهل .

( ومنها ) - أن يكون عالما بأوقات الصلاة ، حتى كان البصير أفضل من الضرير ; لأن الضرير لا علم له بدخول الوقت والإعلام بدخول الوقت ممن لا علم له بالدخول - متعذر [ ص: 151 ] لكن مع هذا لو أذن يجوز لحصول الإعلام بصوته ، وإمكان الوقوف على المواقيت من قبل غيره في الجملة وابن أم مكتوم كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أعمى .

( ومنها ) : أن يكون مواظبا على الأذان ; لأن حصول الإعلام لأهل المسجد بصوت المواظب أبلغ من حصوله بصوت من لا عهد لهم بصوته ، فكان أفضل وإن أذن السوقي لمسجد المحلة في صلاة الليل ، وغيره في صلاة النهار - يجوز ; لأن السوقي يحرج في الرجوع إلى المحلة في وقت كل صلاة لحاجته إلى الكسب .

( ومنها ) أن يجعل أصبعيه في أذنيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال : { إذا أذنت فاجعل أصبعيك في أذنيك ، فإنه أندى لصوتك وأمد بين الحكم ونبه على الحكمة } وهي المبالغة في تحصيل المقصود ، وإن لم يفعل أجزأه لحصول أصل الإعلام بدونه ، وروى الحسن عن أبي حنيفة أن الأحسن أن يجعل أصبعيه في أذنيه في الأذان والإقامة ، وإن جعل يديه على أذنيه فحسن ، وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه إن جعل إحدى يديه على أذنه فحسن .

( ومنها ) أن يكون المؤذن على الطهارة ; لأنه ذكر معظم فإتيانه مع الطهارة أقرب إلى التعظيم ، وإن كان على غير طهارة بأن كان محدثا يجوز ، ولا يكره حتى يعاد في ظاهر الرواية ، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يعاد ، ووجهه أن للأذان شبها بالصلاة ، ولهذا يستقبل به القبلة كما في الصلاة ، ثم الصلاة لا تجوز مع الحدث ، فما هو شبيه بها يكره معه وجه ظاهر الرواية ما روي أن بلالا ربما أذن وهو على غير وضوء ، ولأن الحدث لا يمنع من قراءة القرآن فأولى أن لا يمنع من الأذان وإن أقام وهو محدث ، ذكر في الأصل وسوى بين الأذان والإقامة فقال : ويجوز الأذان والإقامة على غير وضوء ، وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه قال : أكره إقامة المحدث .

( والفرق ) أن السنة وصل الإقامة بالشروع في الصلاة ، فكان الفصل مكروها بخلاف الأذان ، ولا تعاد ; لأن تكرارها ليس بمشروع بخلاف الأذان .

وأما الأذان مع الجنابة فيكره في ظاهر الرواية حتى يعاد ، وعن أبي يوسف أنه لا يعاد لحصول المقصود - وهو الإعلام - ، والصحيح جواب ظاهر الرواية ; لأن أثر الجنابة ظهر في الفم فيمنع من الذكر المعظم كما يمنع من قراءة القرآن بخلاف الحدث ، وكذا الإقامة مع الجنابة تكره لكنها لا تعاد لما مر .

( ومنها ) أن يؤذن قائما إذا أذن للجماعة ، ويكره قاعدا ; لأن النازل من السماء أذن قائما حيث وقف على حذم حائط ، وكذا الناس توارثوا ذلك فعلا ، فكان تاركه مسيئا لمخالفته النازل من السماء وإجماع الخلق ; ولأن تمام الإعلام بالقيام ويجزئه لحصول أصل المقصود ، وإن أذن لنفسه قاعدا فلا بأس به ; لأن المقصود مراعاة سنة الصلاة لا الإعلام ، وأما المسافر فلا بأس أن يؤذن راكبا ، لما روي أن بلالا رضي الله عنه ربما أذن في السفر راكبا ، ولأن له أن يترك الأذان أصلا في السفر فكان له أن يأتي به راكبا بطريق الأولى ، وينزل للإقامة لما روي أن بلالا أذن وهو راكب ، ثم نزل وأقام على الأرض ; ولأنه لو لم ينزل لوقع الفصل بين الإقامة والشروع في الصلاة بالنزول ، وإنه مكروه وأما في الحضر فيكره الأذان راكبا في ظاهر الرواية ، وعن أبي يوسف أنه قال : لا بأس به ثم المؤذن يختم الإقامة على مكانه ، أو يتمها ماشيا ، اختلف المشايخ فيه ، قال بعضهم : يختمها على مكانه سواء كان المؤذن إماما أو غيره ، وكذا روي عن أبي يوسف .

وقال بعضهم : يتمها ماشيا ، وعن الفقيه أبي جعفر الهندواني أنه إذا بلغ قوله : ( قد قامت الصلاة ) فهو بالخيار إن شاء مشى ، وإن شاء وقف ، إماما كان ، أو غيره ، وبه أخذ الشافعي والفقيه أبو الليث ، وما روي عن أبي يوسف - رحمه الله - أصح

( ومنها ) - أن يؤذن في مسجد واحد ، ويكره أن يؤذن في مسجدين ، ويصلي في أحدهما ; لأنه إذا صلى في المسجد الأول يكون متنفلا بالأذان في المسجد الثاني ، والتنفل بالأذان غير مشروع ; ولأن الأذان يختص بالمكتوبات ، وهو في المسجد الثاني يصلي النافلة فلا ينبغي أن يدعو الناس إلى المكتوبة وهو لا يساعدهم فيها .

( ومنها ) - أن من أذن فهو الذي يقيم ، وإن أقام غيره : فإن كان يتأذى بذلك يكره ; لأن اكتساب أذى المسلم مكروه ، وإن كان لا يتأذى به لا يكره وقال الشافعي : يكره تأذى به أو لم يتأذ ( احتج ) بما روي عن أخي صداء أنه قال : { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا إلى حاجة له فأمرني أن أؤذن فأذنت ، فجاء بلال وأراد أن يقيم ، فنهاه عن ذلك وقال : إن أخا صداء هو الذي أذن ومن أذن فهو الذي يقيم } .

( ولنا ) ما روي أن عبد الله بن زيد { لما قص الرؤيا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : لقنها بلالا ، فأذن بلال ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 152 ] عبد الله بن زيد فأقام } .

وروي أن ابن أم مكتوم كان يؤذن وبلال يقيم ، وربما أذن بلال وأقام ابن أم مكتوم ، وتأويل ما رواه أن ذلك كان يشق عليه ; لأنه روي أنه كان حديث عهد بالإسلام ، وكان يحب الأذان والإقامة ( ومنها ) - أن يؤذن محتسبا ، ولا يأخذ على الأذان والإقامة أجرا ، ولا يحل له أخذ الأجرة على ذلك ; لأنه استئجار على الطاعة ، وذا لا يجوز ; لأن الإنسان في تحصيل الطاعة عامل لنفسه ، فلا يجوز له أخذ الأجرة عليه ، وعند الشافعي يحل له أن يأخذ على ذلك أجرا ، وهي من مسائل كتاب الإجارات ، وفي الباب حديث خاص وهو ما روي عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه قال : آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلي بالقوم صلاة أضعفهم ، وأن أتخذ مؤذنا لا يأخذ عليه أجرا ، وإن علم القوم حاجته فأعطوه شيئا من غير شرط فهو حسن ; لأنه من باب البر والصدقة والمجازاة على إحسانه بمكانهم ، وكل ذلك حسن والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية