بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

وأما سبب وجوب السجدة فسبب وجوبها أحد شيئين : التلاوة ، أو السماع كل واحد منهما على حاله موجب فيجب على التالي الأصم والسامع الذي لم يتل .

أما التلاوة فلا يشكل وكذا السماع لما بينا أن الله تعالى ألحق اللائمة بالكفار لتركهم السجود إذا قرئ عليهم القرآن بقوله تعالى { فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } ، وقال تعالى { إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا } الآية ، من غير فصل في الآيتين بين التالي والسامع ، وروينا عن كبار الصحابة رضي الله عنهم السجدة على من سمعها ولأن حجة الله تعالى تلزمه بالسماع كما تلزمه بالتلاوة فيجب أن يخضع لحجة الله تعالى بالسماع كما يخضع بالقراءة .

ويستوي الجواب في حق التالي [ ص: 181 ] بين ما إذا تلا السجدة بالعربية أو بالفارسية في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى قال أبو حنيفة : يلزمه السجود في الحالين .

وأما في حق السامع فإن سمعها ممن يقرأ بالعربية فقالوا : يلزمه بالإجماع فهم أو لم يفهم ; لأن السبب قد وجد فيثبت حكمه ولا يقف على العلم اعتبارا بسائر الأسباب ، وإن سمعها ممن يقرأ بالفارسية فكذلك عند أبي حنيفة بناء على أصله أن القراءة بالفارسية جائزة ، وقال أبو يوسف في الأمالي : إن كان السامع يعلم أنه يقرأ القرآن فعليه السجدة وإلا فلا وهذا ليس بسديد ; لأنه إن جعل الفارسية قرآنا ينبغي أن يجب سواء فهم أو لم يفهم كما لو سمعها ممن يقرأ بالعربية ، وإن لم يجعله قرآنا ينبغي أن لا يجب وإن فهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية