فأما إذا كان على حكم العباد بأن 
استنزلوهم على حكم رجل فهذا لا يخلو من أحد وجهين ( إما ) أن استنزلوهم على حكم رجل معين ، بأن قالوا : على حكم فلان لرجل سموه ( وإما ) أن استنزلوهم على حكم رجل غير معين ، فإن كان الاستنزال على حكم رجل معين فنزلوا على حكمه ، فحكم عليهم بشيء مما ذكرنا ، وهو رجل عاقل مسلم عدل ، غير محدود في قذف ، جاز بالإجماع ; لما روي { 
أن بني قريظة  لما حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة ، استنزلوا على حكم  nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ  ، فحكم  nindex.php?page=showalam&ids=37سعد  أن تقتل رجالهم ، وتقسم أموالهم ، وتسبى نساؤهم وذراريهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد حكمت بحكم الله - تعالى - من فوق سبعة أرقعة   } فقد استصوب رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمه ، حيث أخبر عليه الصلاة والسلام أن ما حكم به حكم الله - سبحانه وتعالى - لأن حكم الله - سبحانه وتعالى - لا يكون إلا صوابا . 
وليس للحاكم أن يحكم بردهم إلى دار الحرب فإن حكم فهو باطل ; لأنه حكم غير مشروع لما بينا ; لأنهم بالرد يصيرون حربيين لنا ، وإن 
كان الحاكم عبدا أو صبيا لم يجز حكمه بالإجماع كان فاسقا ، أو محدودا في القذف ، لم يجز حكمه عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف  وعند 
 nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد  يجوز . 
( وجه ) قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد    - رحمه الله - أن الفاسق يصلح قاضيا ، فيصلح حكما بالطريق الأولى . 
( وجه ) قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف  أن المحدود في القذف لا يصلح حكما ; لأنه ليس من أهل الولاية ، ولهذا لم يصلح قاضيا ، وكذا الفاسق لا يصلح حكما وإن صلح قاضيا ، لكنه لا يلزم قضاؤه ، ولهذا لو رفعت قضية إلى قاض آخر ، إن شاء أمضاه وإن شاء رده ، وإن 
كان ذميا جاز حكمه في الكفرة ; لأنه من أهل الشهادة على جنسه ، وإن نزلوا على حكم رجل يختارونه ، فاختاروا رجلا فإن كان موضعا للحكم جاز حكمه . 
وإن كان غير موضع للحكم لا يقبل منهم حتى يختاروا رجلا موضعا للحكم ، فإن لم يختاروا أبلغهم الإمام مأمنهم ; لأن النزول كان على شرط ، وهو حكم رجل يختارونه ، فإذا لم يختاروا فقد بقوا في يد الإمام بالأمان ، فيردهم إلى مأمنهم ، إلا أنه لا يردهم إلى حصن هو أحصن من الأول ، ولا إلى حد يمتنعون به ; لأن الرد إلى المأمن للتحرج عن توهم العذر ، وأنه يحصل بالرد إلى ما كانوا عليه ، فلا ضرورة في الرد إلى غيره ، وإن 
نزلوا على حكم رجل غير معين فللإمام أن يعين رجلا صالحا للحكم فيهم ، أو يحكم للمسلمين بنفسه بما هو أفضل لهم والله - سبحانه وتعالى - أعلم .