( وأما ) بيان 
ما تجب فيه الدية فقد اختلف أصحابنا فيه ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة  رحمه الله : الذي تجب منه الدية وتقضى منه ثلاثة أجناس : الإبل والذهب والفضة ، وعندهما ستة أجناس : الإبل والذهب والفضة والبقر والغنم والحلل ، واحتجا بقضية سيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  رضي الله تعالى عنه فإنه روي أنه قضى بالدية من هذه الأجناس  
[ ص: 254 ] بمحضر من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة  رضي الله تعالى عنه قوله عليه الصلاة والسلام { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=39549في النفس المؤمنة مائة من الإبل   } جعل عليه الصلاة والسلام الواجب من الإبل على الإشارة إليها ، فظاهره يقتضي الوجوب منها على التعيين ، إلا أن الواجب من الصنفين الأخيرين ثبت بدليل آخر ، فمن ادعى الوجوب من الأصناف الأخر فعليه الدليل . 
وأما قضية سيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  رضي الله تعالى عنه فقد قيل : إنه إنما قضى بذلك حين كانت الديات على العواقل ، فلما نقلها إلى الديوان قضى بها من الأجناس الثلاثة . 
وذكر في كتاب المعاقل ما يدل على أنه لا خلاف بينهم ، فإنه قال : لو صالح الولي على أكثر من مائتي بقرة ومائتي حلة لم يجز بالإجماع ، ولو لم يكن ذلك من جنس الدية لجاز ، والله أعلم بالصواب . 
وأما بيان 
مقدار الواجب من كل جنس ، وبيان صفته فقدر الواجب من كل جنس يختلف بذكورة المقتول وأنوثته ، فإن كان ذكرا فلا خلاف ، في أن الواجب بقتله من الإبل مائة لقوله عليه الصلاة والسلام { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=39549في النفس المؤمنة مائة من الإبل   } ولا خلاف أيضا في أن 
الواجب من الذهب ألف دينار لما روي أنه عليه الصلاة والسلام جعل { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=18905دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار   } ، والتقدير في حق الذمي يكون تقديرا في حق المسلم من طريق الأولى . 
وأما 
الواجب من الفضة فقد اختلف فيه ، قال أصحابنا رحمهم الله تعالى : عشرة آلاف درهم وزنا وزن سبعة . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  رحمهما الله : اثنا عشر ألفا ، والصحيح قولنا لما روي عن سيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  رضي الله عنه أنه قال الدية عشرة آلاف درهم بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ، ولم ينقل أنه أنكر عليه أحد ، فيكون إجماعا مع ما أن المقادير لا تعرف إلا سماعا فالظاهر أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدر الواجب من البقر عندهما مائتا بقرة ، ومن الحلل مائتا حلة ، ومن الغنم ألفا شاة ، ثم 
دية الخطأ من الإبل أخماس بلا خلاف ، عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وهذا قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه وقد رفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=18899دية الخطأ أخماس عشرون بنات مخاض ، وعشرون بنو مخاض ، وعشرون بنو لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة   } ، وعندهما قدر كل بقرة خمسون درهما ، وقدر كل حلة خمسون درهما ، والحلة اسم لثوبين إزار ورداء ، وقيمة كل شاة خمسة دراهم . 
ودية شبه العمد أرباع ، عندهما خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وهو مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه وعند 
 nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد  أثلاث ، ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة . 
وأربعون ما بين ثنية إلى بازل عامها كله خلفة ، وهو مذهب سيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت  رضي الله تعالى عنهما ، وعن سيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  رضي الله عنه أنه قال : في شبه العمد أثلاث ثلاثة وثلاثون حقة ، وثلاثة وثلاثون جذعة ، وأربعة وثلاثون خلفة ، والصحابة رضي الله عنهم متى اختلفت في مسألة على قولين أو ثلاثة يجب ترجيح قول البعض على البعض ، والترجيح ههنا لقول 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  رضي الله عنه لوجهين : أحدهما : أنه موافق للحديث المشهور الذي تلقته العلماء رضي الله عنهم بالقبول ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=39549في النفس المؤمنة مائة من الإبل   } ، وفي إيجاب الحوامل إيجاب الزيادة على المائة ; لأن الحمل أصل من وجه ، والثاني : أن ما قاله أقرب إلى القياس ; لأن الحمل معنى موهوم لا يوقف عليه حقيقة فإن انتفاخ البطن قد يكون للحمل ، وقد يكون للداء ، ونحو ذلك . 
وإن كان أنثى فدية المرأة على النصف من دية الرجل لإجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روي عن سيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، وسيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت  رضوان الله تعالى عليهم أنهم قالوا في 
دية المرأة   : إنها على النصف من دية الرجل ، ولم ينقل أنه أنكر عليهم أحد فيكون إجماعا ، ولأن المرأة في ميراثها ، وشهادتها على النصف من الرجل فكذلك في ديتها 
وهل يختلف قدر الدية بالإسلام ، والكفر ؟ قال أصحابنا رحمهم الله : لا يختلف 
ودية الذمي والحربي والمستأمن كدية المسلم ، وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي  والشعبي  رحمهما الله ، 
والزهري  رحمه الله . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  رحمه الله : تختلف دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف ، ودية المجوسي ثمانمائة ، واحتج بحديث رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { 
أنه جعل دية هؤلاء على هذه المراتب   } ولأن الأنوثة لما أثرت في نقصان البدل فالكفر أولى ; لأن نقيصة الكفر فوق كل نقيصة . 
( ولنا ) قوله تبارك وتعالى { 
وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله   } أطلق سبحانه وتعالى  
[ ص: 255 ] القول بالدية في جميع أنواع القتل من غير فصل فدل أن الواجب في الكل على قدر واحد ( وروينا ) أنه عليه الصلاة والسلام جعل { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=18905دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار   } ( وروي ) " أن { 
 nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري  قتل مستأمنين فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما بدية حرين مسلمين   } ، وعن 
الزهري  رحمه الله أنه قال : قضى سيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر  وسيدنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  رضي الله تعالى عنهما في دية الذمي بمثل دية المسلم ، ومثله لا يكذب . 
وكذا روي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  رضي الله عنه قال دية أهل الكتاب مثل دية المسلمين ، ولأن وجوب كمال الدية يعتمد كمال حال القتيل فيما يرجع إلى أحكام الدنيا ، وهي الذكورة ، والحرية ، والعصمة ، وقد وجد ، ونقصان الكفر يؤثر في أحكام الدنيا .