بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
وبيان ذلك في مسائل : إذا قطع يد رجل عمدا حتى وجب عليه القصاص فقطع الرجل يده فمات من ذلك ضمن الدية في قول أبي حنيفة - رحمه الله ، وفي قولهما لا شيء عليه .

ولو قطع الإمام يد السارق فمات منه لا ضمان على الإمام ولا على بيت المال .

وكذلك الفصاد والبزاغ والحجام إذا سرت جراحاتهم لا ضمان عليهم بالإجماع ( وجه ) قولهما إن الموت حصل بفعل مأذون فيه وهو القطع فلا يكون مضمونا كالإمام إذا قطع السارق فمات منه ولأبي حنيفة رضي الله عنه أنه استوفى غير حقه ; لأن حقه في القطع وهو أتى بالقتل ; لأن القتل اسم لفعل يؤثر في فوات الحياة عادة ، وقد وجد فيضمن ، كما إذا قطع يد إنسان ظلما فسرى إلى النفس .

وكان القياس أن يجب القصاص إلا أنه سقط للشبهة فتجب الدية ، وهكذا نقول في الإمام أن فعله وقع قتلا إلا أنه لا سبيل إلى إيجاب الضمان للضرورة ; لأن إقامة الحد مستحقة عليه ، والتحرز عن السراية ليس في وسعه فلو أوجبنا الضمان لامتنع الأئمة عن الإقامة خوفا عن لزوم الضمان ، وفيه تعطيل الحدود ، والقطع ليس بمستحق على من له القصاص بل هو مخير فيه ، والأولى هو العفو ولا ضرورة إلى إسقاط الضمان بعد وجود سببه .

ولو ضرب امرأته للنشوز فماتت منه يضمن ; لأن المأذون فيه هو التأديب لا القتل ، ولما اتصل به الموت تبين أنه وقع قتلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية