بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( وأما ) الشجاج فالكلام في الشجة يقع في موضعين : أحدهما في بيان حكمها بنفسها ، والثاني في بيان حكمها بغيرها .

أما الأول فالموضحة إذا برئت وبقي لها أثر ففيها خمس من الإبل ، وفي الهاشمة عشر ، وفي المنقلة خمس عشرة ، وفي الآمة ثلث الدية هكذا روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { في الموضحة خمس من الإبل ، وفي الهاشمة عشر ، وفي المنقلة خمس عشرة ، وفي الآمة ثلث الدية } ، وليس فيما قبل الموضحة من الشجاج أرش مقدر ، وإن لم يبق لها أثر بأن التحمت ، ونبت عليها الشعر فلا شيء فيها في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وقال أبو يوسف عليه حكومة الألم وقال محمد عليه أجرة الطبيب ( وجه ) قوله أن أجرة الطبيب إنما لزمته بسبب هذه الشجة فكأنه أتلف عليه هذا القدر من المال ولأبي يوسف أن الشجة قد تحققت ، ولا سبيل إلى إهدارها ، وقد تعذر إيجاب أرش الشجة فيجب أرش الألم ( وجه ) قول أبي حنيفة - رحمه الله - أن الأرش إنما يجب بالشين الذي يلحق المشجوج بالأثر وقد زال ذلك فسقط الأرش [ ص: 317 ] والقول بلزوم حكومة الألم غير سديد لأن مجرد الألم لا ضمان له في الشرع كمن ضرب رجلا ضربا وجيعا ، وكذا إيجاب أجرة الطبيب لأن المنافع على أصل أصحابنا رضي الله عنهم لا تتقوم مالا بالعقد أو شبهة العقد ، ولم يوجد في حق الجاني العقد ولا شبهته فلا يجب عليه أجرة الطبيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية