بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ولو أوصى لرجل بمثل نصيب أحد بنيه وله ثلاثة بنين وأوصى لرجل آخر بثلث ما يبقى من الثلث بعد [ ص: 359 ] النصب فالمسألة تخرج من ثلاثة ، وثلاثين للموصى له بالنصيب ثمانية ، وللموصى له الآخر سهم ، ولكل واحد من البنين ثمانية أما تخريجها بطريقة الحشو فهو أن تأخذ عدد البنين ، وذلك ثلاثة وزد عليه واحدا لأجل الوصية بمثل نصيب أحد البنين ; لأن مثل الشيء يزاد عليه فيصير أربعة ثم اضرب الأربعة في ثلاثة لأجل تنفيذ الوصية الأخرى ، وهي الوصية بثلث ما يبقى من الثلث بعد النصب فيصير اثني عشر ، ثم تطرح منها سهما واحدا ; لأن الوصية الثانية توجب النقصان في نصيب الورثة .

ونصيب الموصى له الأول شائعا في كل المال فتنقص من كل ثلث سهما ; ولأنك لو لم تنقص لا يستقيم الحساب لو اعتبرته لوجدته كذلك ، فإذا أنقصت سهما من اثني عشر بقي أحد عشر هو ثلث المال ، وثلثاه ، وهو اثنان وعشرون ، وجميع المال ثلاثة وثلاثون ، وإذا أردت معرفة النصيب فخذ النصيب الذي كان ، وذلك سهم واحد ، واضربه في ثلاثة كما ضربت أصل المال ، وهو ثلاثة ثم اضرب ثلاثة في ثلاثة كما ضربت أصل المال ; لأنك احتجت إلى ضرب أصل المال في ثلاثة مرة أخرى حتى بلغ جميع المال ثلاثة وثلاثين ، فإذا ضربت ثلاثة في ثلاثة صار تسعة ، ثم اطرح منها سهما كما طرحت من أصل المال فيبقى ثمانية فهو نصيب الموصى له بمثل النصيب ، ثم أعط للموصى له نصيبه ، وهو ثلث ما يبقى من الثلث ، وذلك سهم يبقى إلى تمام الثلث سهمان ضمهما ثلثي المال ، وذلك اثنان ، وعشرون فتصير أربعة ، وعشرين لكل واحد من البنين الثلاثة ثمانية فاستقام الحساب بحمد الله سبحانه وتعالى .

( وأما ) تخريجها على طريق الخطأين فهو أن تجعل ثلث المال عددا لو أعطيت منه النصيب ، وهو سهم ، يبقى ، وراءه عدد له ثلث لحاجتك إلى تنفيذ الوصية الأخرى ، وهو الوصية بثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب ، وأقله أربعة فإذا جعلت ثلث المال أربعة أعط للموصى له بالنصيب سهما من أربعة يبقى ثلاثة فأعط للموصى له بثلث ما بقي ثلث ما بقي ، وذلك سهم ، يبقى سهمان ضمهما إلى ثلثي المال ، وذلك ثمانية ; لأن ثلث المال لما كان أربعة كان ثلثاه مثليه ، وذلك ثمانية ، ومتى ضممت اثنين إلى ثمانية صارت عشرة ، وحاجتك إلى ثلاثة أسهم لا غير للبنين الثلاثة ; لأنك قد أعطيت الموصى له بالنصيب سهما ، فظهر أنك قد أخطأت بزيادة سبعة فزد في النصيب ; لأنه ظهر أن هذا الخطأ ما جاء إلا من قبل نقصان النصيب ، فظهر أن النصيب يجب أن يكون أزيد من سهم فزد في النصيب فاجعله سهمين .

فيصير الثلث خمسة فأعط الموصى له بمثل النصيب سهمين ، ثم أعط للموصى له الآخر سهما مما بقي ، يبقى سهمان ضمهما إلى ثلثي المال ، وذلك عشرة فتصير اثني عشر ، وحاجتك إلى ستة فظهر أنك أخطأت في هذه الكرة بزيادة ستة أسهم .

وكان الخطأ الأول بزيادة سبعة فانتقص بزيادة سهم في النصيب سهم من سهام الخطأ ، فعلمت أنك مهما زدت في النصيب سهما ينتقص من سهام الخطأ سهم ، وأنك تحتاج إلى أن يذهب ما بقي من سهام الخطأ ، والباقي من سهام الخطأ ستة فالذي يذهب به ستة أسهم من الخطأ ستة أسهم من النصيب فزد في النصيب ستة أسهم ، فتصير ثمانية فهذا هو النصيب ، ، وبقي إلى تمام الثلث ثلاثة أعط منها سهما للموصى له الآخر يبقى سهمان ضمهما إلى ثلثي المال ، وذلك اثنان ، وعشرون فتصير أربعة ، وعشرين لكل واحد من البنين ثمانية ، وطريقة الجامع الأصغر ، أو الأكبر ، أو الصغير ، أو الكبير مبنية على هذه الطريقة .

أما طريقة الجامع الأصغر أو الصغير : فهي أنه إذا تبين لك أنك أخطأت مرتين ، وأردت معرفة الثلث فاضرب الثلث الأول في الخطأ الثاني ، والثلث الثاني في الخطأ الأول فما اجتمع فاطرح الأقل من الأكثر فما بقي فهو الثلث ، وإن أردت معرفة النصيب فاضرب النصيب الأول في الخطأ الثاني ، واضرب النصيب الثاني في الخطأ الأول ، ثم اطرح الأقل من الأكثر فما بقي فهو النصيب ، وإذا عرفت هذا ففي هذه المسألة الثلث الأول أربعة ، والخطأ الثاني ستة فاضرب أربعة في ستة فتصير أربعة ، وعشرين ، والثلث الثاني خمسة ، والخطأ الأول سبعة فاضرب خمسة في سبعة فتكون خمسة ، وثلاثين ، ثم اطرح أربعة ، وعشرين من خمسة ، وثلاثين فيبقى أحد عشر فهو ثلث المال ، والنصيب الأول سهم ، والخطأ الثاني ستة فاضرب سهما في ستة تكون ستة ، والنصيب الثاني سهمان ، والخطأ الأول سبعة فاضرب سهمين في سبعة فتكون أربعة عشر ، واطرح الأقل ، وهو ستة [ ص: 360 ] من الأكثر ، وهو أربعة عشر فيبقى ثمانية فهو النصيب .

( وأما ) طريقة الجامع الكبير ، أو الأكبر : فهي أنه إذا ظهر لك الخطأ الأول فلا تزد في النصيب ، ولكن ضعف ما وراء النصيب من الثلث ، ثم انظر في الخطأين ، واعمل ما عملت في طريقة الجامع الأصغر ، إذا عرفت هذا ففي هذه المسألة ظهر الخطأ الأول سبعة فضعف ما وراء النصيب من الثلث ، وذلك بأن تزيد عليه مثله فتصير ستة فصار الثلث مع النصيب سبعة فأعط بالنصيب سهما ، وأعط بالوصية الأخرى ثلث الباقي ، وذلك سهمان يبقى أربعة ضم ذلك إلى ثلثي المال ، وذلك أربعة عشر فتصير ثمانية عشر ، وحاجتك إلى ثلاثة فظهر الخطأ بخمسة عشر فإذا أردت معرفة الثلث فخذ الثلث الأول ، وذلك أربعة ، واضربه في الخطأ الثاني ، وذلك خمسة عشر فتصير ستين ، وخذ الثلث الثاني ، وذلك سبعة واضربه في الخطأ الأول ، وذلك سبعة فتصير تسعة ، وأربعين ، ثم اطرح الأقل ، وذلك تسعة ، وأربعون من الأكثر ، وذلك ستون ، يبقى أحد عشر فهو الثلث ، وإن أردت معرفة النصيب فخذ النصيب الأول ، وذلك سهم ، واضربه في الخطأ الثاني ، وذلك خمسة عشر فتكون خمسة عشر ، وخذ النصيب الثاني ، وذلك سهم ، واضربه في الخطأ الأول ، وذلك سبعة ثم اطرح سبعة من خمسة عشر تبقى ثمانية فهو النصيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية