بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
[ ص: 277 ] فصل ) :

وأما بيان قدر صلاة العيدين ، وكيفية أدائها فنقول : يصلي الإمام ركعتين : فيكبر تكبيرة الافتتاح ، ثم يستفتح فيقول : سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره عند عامة العلماء ، وعند ابن أبي ليلى يأتي بالثناء بعد التكبيرات وهذا غير سديد ; لأن الاستفتاح كاسمه وضع لافتتاح الصلاة فكان محله ابتداء الصلاة ، ثم يتعوذ عند أبي يوسف ، ثم يكبر ثلاثا ، وعند محمد يؤخر التعوذ عن التكبيرات بناء على أن التعوذ سنة الافتتاح ، أو سنة القراءة على ما ذكرنا ، ثم يقرأ ثم يكبر تكبيرة الركوع فإذا قام إلى الثانية يقرأ أولا ، ثم يكبر ثلاثا ، ويركع بالرابعة فحاصل الجواب أن عندنا يكبر في صلاة العيدين تسع تكبيرات : ستة من الزوائد وثلاثة أصليات : تكبيرة الافتتاح ، وتكبيرتا الركوع ويوالي بين القراءتين فيقرأ في الركعة الأولى بعد التكبيرات وفي الثانية قبل التكبيرات .

وروي عن أبي يوسف أنه يكبر ثنتي عشرة تكبيرة : سبعا في الأولى وخمسا في الثانية ; فتكون الزوائد تسعا : خمس في الأولى وأربع في الثانية ، وثلاث أصليات ، ويبدأ بالتكبيرات في كل واحدة من الركعتين ، وقال الشافعي : يكبر اثنتي عشرة تكبيرة : سبعا في الأولى وخمسا في الثانية سوى الأصليات ، وهو قول مالك ويبدأ بالتكبيرات قبل القراءة في الركعتين جميعا ، والمسألة مختلفة بين الصحابة ، روي عن عمر وعبد الله بن مسعود وأبي مسعود الأنصاري وأبي موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم أنهم قالوا مثل قول أصحابنا .

وروي عن علي رضي الله عنه أنه فرق بين الفطر والأضحى فقال : في الفطر يكبر إحدى عشرة تكبيرة : ثلاث أصليات وثمان زوائد في كل ركعة أربعة ، وفي الأضحى يكبر خمس تكبيرات : ثلاث أصليات وتكبيرتان زائدتان ، وعنده يقدم القراءة على التكبيرات في الركعتين جميعا ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث روايات روي عنه كقول ابن مسعود وأنه شاذ ، والمشهور عنه روايتان إحداهما أنه يكبر في العيدين ثلاثة عشرة تكبيرة : ثلاث أصليات وعشرة زوائد ، في كل ركعة خمس تكبيرات ، والثانية أنه يكبر اثني عشرة تكبيرة كما قال أبو يوسف ، ومن مذهبه أنه لا يقدم القراءة على التكبيرات في الركعتين جميعا ; والمختار في المذهب عندنا مذهب ابن مسعود لاجتماع الصحابة عليه فإنه روي أن الوليد بن عقبة أتاهم فقال غدا العيد فكيف تأمروني أن أفعل فقالوا لابن مسعود علمه فعلمه هذه الصفة ووافقوه على ذلك .

وقيل : إنه مختار أبي بكر الصديق ، ولأن رفع الصوت بالتكبيرات بدعة في الأصل فبقدر ما ثبت بالإجماع لم تبق بدعة بيقين ، وما دخل تحت الاختلاف كان توهم البدعة ، وإنما الأخذ بالأقل أولى وأحوط ، إلا أن برواية ابن عباس ظهر العمل بأكثر بلادنا ; لأن الخلافة في بني العباس فيأمرون عمالهم بالعمل بمذهب جدهم ، وبيان هذه الفصول في الجامع الكبير ولم يبين في الأصل .

التالي السابق


الخدمات العلمية