بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
مطلب في الاستنجاء

[ ص: 21 ] ( ومنها ) : الاستنجاء بالماء لما روي عن جماعة من الصحابة منهم علي ، ومعاوية ، وابن عمر ، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم أنهم كانوا يستنجون بالماء بعد الاستنجاء بالأحجار ، حتى قال ابن عمر فعلناه فوجدناه دواء ، وطهورا ، وعن الحسن البصري أنه كان يأمر الناس بالاستنجاء بالأحجار ، ويقول : إن من كان قبلكم كان يبعر بعرا ، وأنتم تثلطون ثلطا فأتبعوا الحجارة الماء ، وهو كان من الآداب في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروي عن عائشة رضي الله عنها { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ، وغسل مقعده بالماء ثلاثا } ، ولما نزل قوله تعالى { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } في أهل قبا سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شأنهم ، فقالوا : إنا نتبع الحجارة الماء .

ثم صار بعد عصره من السنن بإجماع الصحابة كالتراويح ، والسنة فيه أن يغسل بيساره لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { اليمين للوجه ، واليسار للمقعد } ، ثم العدد في الاستنجاء بالماء ليس بلازم ، وإنما المعتبر هو الإنقاء ، فإن لم يكفه الغسل ثلاثا يزيد عليه ، وإن كان الرجل موسوسا فلا ينبغي أن يزيد على السبع لأن قطع الوسوسة واجب ، والسبع هو نهاية العدد الذي ورد الشرع به في الغسل في الجملة كما في حديث ولوغ الكلب .

التالي السابق


الخدمات العلمية