بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ومنها صوم الوصال ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا صام من صام الدهر }

وروي أنه { نهى عن صوم الوصال ، } فسر أبو يوسف ومحمد رحمهما الله الوصال بصوم يومين لا يفطر بينهما ، لأن الفطر بينهما يحصل بوجود زمان الفطر ، وهو الليل ، قال النبي صلى الله عليه وسلم { : إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم أكل ، أو لم يأكل } وقيل في تفسير الوصال : أن يصوم كل يوم من السنة دون ليلته ، ومعنى الكراهة فيه : أن ذلك يضعفه عن أداء الفرائض ، والواجبات ويقعده عن الكسب الذي لا بد منه ، ولهذا روي أنه { لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال وقيل له : إنك تواصل يا رسول الله ، قال : إني لست كأحدكم ، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني } أشار إلى المخصص وهو اختصاصه بفضل قوة النبوة ، وقال بعض الفقهاء : من صام سائر الأيام وأفطر يوم الفطر ، والأضحى وأيام التشريق لا يدخل تحت نهي صوم الوصال ، ورد عليه أبو يوسف فقال : ليس هذا عندي ، كما قال والله أعلم هذا قد صام الدهر كأنه أشار إلى أن النهي عن صوم الدهر ليس لمكان صوم هذه الأيام بل لما يضعفه عن الفرائض ، والواجبات ويقعده عن الكسب ويؤدي إلى التبتل المنهي عنه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية