بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ثم اختلف أصحابنا في طهارة المستحاضة أنها تنتقض عند خروج الوقت أم عند دخوله أم أيهما كان قال أبو حنيفة ، ومحمد تنتقض عند خروج الوقت لا غير وقال زفر عند دخول الوقت لا غير .

وقال أبو يوسف عند أيهما كان ، وثمرة هذا الاختلاف لا تظهر إلا في موضعين أحدهما أن يوجد الخروج بلا دخول كما إذا توضأت في وقت الفجر ، ثم طلعت الشمس فإن طهارتها تنتقض عند أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد لوجود الخروج ، وعند زفر لا تنتقض لعدم الدخول ، والثاني أن يوجد الدخول بلا خروج كما إذا توضأت قبل الزوال ، ثم زالت الشمس فإن [ ص: 29 ] طهارتها لا تنتقض عند أبي حنيفة ، ومحمد لعدم الخروج .

وعند أبي يوسف ، وزفر تنتقض لوجود الدخول وجه قول زفر أن سقوط اعتبار المنافي لمكان الضرورة ، ولا ضرورة قبل دخول الوقت فلا يسقط ، وبه يحتج أبو يوسف في جانب الدخول ، وفي جانب الخروج يقول كما لا ضرورة إلى إسقاط اعتبار المنافي قبل الدخول لا ضرورة إليه بعد الخروج فيظهر حكم المنافي ، ولأبي حنيفة ، ومحمد ما ذكرنا أن وقت الأداء شرعا أقيم مقام وقت الأداء فعلا لما بينا من المعنى ، ثم لا بد من تقديم وقت الطهارة على وقت الأداء حقيقة فكذا لا بد من تقديمها على وقت الأداء شرعا ، حتى يمكنه شغل جميع الوقت بالأداء ، وهذه الحالة انعدمت بخروج الوقت فظهر حكم الحدث ، ومشايخنا أداروا الخلاف على الدخول ، والخروج فقالوا : تنتقض طهارتها بخروج الوقت ، أو بدخوله لتيسير الحفظ على المتعلمين لا لأن للخروج ، أو الدخول تأثيرا في انتقاض الطهارة ، وإنما المدار على ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية