بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

: وأما بيان سنن الحج وبيان الترتيب في أفعاله من الفرائض والواجبات والسنن فنقول وبالله التوفيق : إذا أراد أن يحرم اغتسل أو توضأ ، والغسل أفضل لما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ ذا الحليفة اغتسل لإحرامه } ، وسواء كان رجلا أو امرأة ، والمرأة طاهرة عن الحيض والنفاس أو حائض أو نفساء ; لأن المقصود من إقامة هذه السنة النظافة فيستوي فيها الرجل والمرأة ، وحال طهر المرأة ، وحيضها ، ونفاسها ، والدليل عليه أيضا ما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل تحت الشجرة في بيعة الرضوان أتاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقال [ ص: 144 ] له : إن أسماء قد نفست ، وكانت ، ولدت محمد بن أبي بكر رضي الله عنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مرها فلتغتسل ، ولتحرم بالحج } .

وكذا روي أن عائشة رضي الله عنها حاضت فأمرها بالاغتسال والإهلال بالحج ، والأمر بالاغتسال في الحديثين على وجه الاستحباب دون الإيجاب ; لأن الاغتسال عن الحيض ، والنفاس لا يجب حال قيام الحيض والنفاس ، وإنما كان الاغتسال أفضل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم اختاره على الوضوء لإحرامه ، وكان يختار من الأعمال أفضلها .

وكذا أمر به عائشة وأسماء رضي الله عنهما ولأن معنى النظافة فيه أتم وأوفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية