الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل

العاصي يفوته ثواب المؤمنين

ومن فاته رفقة المؤمنين ، وحسن دفاع الله عنهم ، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا ، وفاته كل خير رتبه الله في كتابه على الإيمان ، وهو نحو مائة خصلة ، كل خصلة منها خير من الدنيا وما فيها .

فمنها : الأجر العظيم : وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما [ سورة النساء : 146 ] .

ومنها : الدفع عنهم شرور الدنيا والآخرة : إن الله يدافع عن الذين آمنوا [ سورة الحج : 38 ] .

[ ص: 72 ] ومنها : استغفار حملة العرش لهم : الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا [ سورة غافر : 7 ] .

ومنها : موالاة الله لهم ، ولا يذل من والاه الله ، قال الله تعالى : الله ولي الذين آمنوا [ سورة البقرة : 257 ] .

ومنها : أمره ملائكته بتثبيتهم : إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا [ سورة الأنفال : 12 ] .

ومنها : أن لهم الدرجات عند ربهم والمغفرة والرزق الكريم .

ومنها : العزة : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون [ سورة المنافقون : 8 ] .

ومنها : معية الله لأهل الإيمان : وأن الله مع المؤمنين [ سورة الأنفال : 19 ] .

ومنها : الرفعة في الدنيا والآخرة : يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات [ سورة المجادلة : 11 ] .

ومنها : إعطاؤهم كفلين من رحمته وإعطاؤهم نورا يمشون به ومغفرة ذنوبهم .

ومنها : الود الذي يجعله سبحانه لهم ، وهو أنه يحبهم ويحببهم إلى ملائكته وأنبيائه وعباده الصالحين .

ومنها : أمانهم من الخوف يوم يشتد الخوف : فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون [ سورة الأنعام : 48 ] .

ومنها : أنهم المنعم عليهم الذين أمرنا أن نسأله أن يهدينا إلى صراطهم في كل يوم وليلة سبع عشرة مرة .

ومنها : أن القرآن إنما هو هدى لهم وشفاء : [ ص: 73 ] قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد [ سورة فصلت : 44 ] .

والمقصود أن الإيمان سبب جالب لكل خير ، وكل خير في الدنيا والآخرة فسببه الإيمان ، وكل شر في الدنيا والآخرة فسببه عدم الإيمان ، فكيف يهون على العبد أن يرتكب شيئا يخرجه من دائرة الإيمان ، ويحول بينه وبينه ، ولكن لا يخرج من دائرة عموم المسلمين ، فإن استمر على الذنوب وأصر عليها خيف عليه أن يرين على قلبه ، فيخرجه عن الإسلام بالكلية ، ومن هاهنا اشتد خوف السلف ، كما قال بعضهم : أنتم تخافون الذنوب ، وأنا أخاف الكفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية