صفحة جزء
( خلق ) في أسماء الله تعالى الخالق وهو الذي أوجد الأشياء جميعها بعد أن لم تكن موجودة . وأصل الخلق التقدير ، فهو باعتبار تقدير ما منه وجودها ، وباعتبار الإيجاد على وفق التقدير خالق .

وفي حديث الخوارج هم شر الخلق والخليقة الخلق : الناس . والخليقة : البهائم . وقيل هما بمعنى واحد ، ويريد بهما جميع الخلائق .

وفيه ليس شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق الخلق بضم اللام وسكونها : الدين والطبع والسجية ، وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ، ولهما أوصاف حسنة وقبيحة ، والثواب والعقاب مما يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ، ولهذا تكررت الأحاديث في مدح حسن الخلق في غير موضع .

( س ) كقوله : أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق .

( س ) وقوله : أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا .

( س ) وقوله : إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم .

وقوله : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . وأحاديث من هذا النوع كثيرة ، وكذلك جاء في ذم سوء الخلق أحاديث كثيرة .

( هـ ) وفي حديث عائشة كان خلقه القرآن أي كان متمسكا بآدابه وأوامره ونواهيه . وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن والألطاف .

( هـ ) وفي حديث عمر من تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله أي تكلف أن يظهر من خلقه خلاف ما ينطوي عليه ، مثل تصنع وتجمل : إذا أظهر الصنيع والجميل .

وفيه ليس لهم في الآخرة من خلاق الخلاق بالفتح : الحظ والنصيب .

[ ص: 71 ] ومنه حديث أبي وأما طعام لم يصنع إلا لك فإنك إن أكلته إنما تأكل منه بخلاقك أي بحظك ونصيبك من الدين . قال له ذلك في طعام من أقرأه القرآن ، وقد تكرر ذكره في الحديث .

وفي حديث أبي طالب إن هذا إلا اختلاق أي كذب ، وهو افتعال من الخلق والإبداع . كأن الكاذب يخلق قوله . وأصل الخلق : التقدير قبل القطع .

ومنه حديث أخت أمية بن أبي الصلت قالت : فدخل علي وأنا أخلق أديما أي أقدره لأقطعه .

وفي حديث أم خالد قال لها : أبلي وأخلقي يروى بالقاف والفاء ، فبالقاف من إخلاق الثوب : تقطيعه ، وقد خلق الثوب وأخلق . وأما الفاء فبمعنى العوض والبدل ، وهو الأشبه . وقد تكرر الإخلاق بالقاف في الحديث .

( هـ ) وفي حديث فاطمة بنت قيس وأما معاوية فرجل أخلق من المال أي خلو عار . يقال : حجر أخلق : أي أملس مصمت لا يؤثر فيه شيء .

( هـ ) ومنه حديث عمر ليس الفقير الذي لا مال له ، إنما الفقير الأخلق الكسب . أراد أن الفقر الأكبر إنما هو فقر الآخرة ، وأن فقر الدنيا أهون الفقرين . ومعنى وصف الكسب بذلك أنه وافر منتظم لا يقع فيه وكس ولا يتحيفه نقص ، وهو مثل للرجل الذي لا يصاب في ماله ولا ينكب ، فيثاب على صبره ، فإذا لم يصب فيه ولم ينكب كان فقيرا من الثواب .

ومنه حديث عمر بن عبد العزيز كتب له في امرأة خلقاء تزوجها رجل ، فكتب إليه : إن كانوا علموا بذلك - يعني أولياءها - فأغرمهم صداقها لزوجها الخلقاء : هي الرتقاء ، من الصخرة الملساء المصمتة .

وفيه ذكر الخلوق قد تكرر في غير موضع ، وهو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ، وتغلب عليه الحمرة والصفرة . وقد ورد تارة بإباحته وتارة بالنهي عنه ، والنهي أكثر وأثبت . وإنما نهى عنه لأنه من طيب النساء ، وكن أكثر استعمالا له منهم . والظاهر أن أحاديث النهي ناسخة .

[ ص: 72 ] وفي حديث ابن مسعود وقتله أبا جهل وهو كالجمل المخلق أي التام الخلق ) ( .

( س هـ ) وفي حديث صفة السحاب واخلولق بعد تفرق أي اجتمع وتهيأ للمطر وصار خليقا به . يقال : خلق بالضم ، وهو أخلق به ، وهذا مخلقة لذلك : أي هو أجدر ، وجدير به .

( هـ ) ومنه خطبة ابن الزبير إن الموت قد تغشاكم سحابه ، وأحدق بكم ربابه ، واخلولق بعد تفرق وهذا البناء للمبالغة ، وهو افعوعل ، كاغدودن ، واعشوشب .

التالي السابق


الخدمات العلمية