صفحة جزء
( رأى ) ( هـ ) فيه أنا بريء من كل مسلم مع مشرك ، قيل : لم يا رسول الله ؟ قال : لا تراءى ناراهما أي يلزم المسلم ويجب عليه أن يباعد منزله عن منزل المشرك ، ولا ينزل بالموضع الذي إذا أوقدت فيه ناره تلوح وتظهر لنار المشرك إذا أوقدها في منزله ، ولكنه ينزل مع المسلمين في دارهم . وإنما كره مجاورة المشركين لأنهم لا عهد لهم ولا أمان ، وحث المسلمين على الهجرة . والترائي : تفاعل من الرؤية ، يقال : تراءى القوم : إذا رأى بعضهم بعضا ، وتراءى لي الشيء : أي ظهر حتى رأيته . وإسناد الترائي إلى النارين مجاز ، من قولهم داري تنظر إلى دار فلان : أي تقابلها . يقول : ناراهما مختلفتان ، هذه تدعو إلى الله ، وهذه تدعو إلى الشيطان فكيف يتفقان . والأصل في " تراءى " : تتراءى ، فحذف إحدى التاءين تخفيفا .

( هـ ) ومنه الحديث إن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء أي ينظرون ويرون .

( هـ ) ومنه حديث أبي البختري تراءينا الهلال أي تكلفنا النظر إليه هل نراه أم لا .

* ومنه حديث رمل الطواف إنما كنا راءينا به المشركين . هو " فاعلنا " من الرؤية : أي أريناهم بذلك أنا أقوياء ( هـ ) وفيه أنه خطب فرئي أنه لم يسمع . رئي : فعل لم يسم فاعله ، من رأيت بمعنى ظننت ، وهو يتعدى إلى مفعولين ، تقول : رأيت زيدا عاقلا ، فإذا بنيته لما لم يسم فاعله تعدى إلى مفعول واحد ، فقلت : رئي زيد عاقلا ، فقوله " إنه لم يسمع " جملة في موضع المفعول الثاني . والمفعول الأول ضميره .

* وفي حديث عثمان أراهم ، أراهمني الباطل شيطانا أراد أن الباطل جعلني عندهم شيطانا ، وفيه شذوذ من وجهين : أحدهما أن ضمير الغائب إذا وقع متقدما على ضمير المتكلم والمخاطب [ ص: 178 ] فالوجه أن يجاء بالثاني منفصلا ، تقول : أعطاه إياي ، فكان من حقه أن يقول : أراهم إياي . والثاني أن واو الضمير حقها أن تثبت مع الضمائر كقولك أعطيتموني ، فكان حقه أن يقول أراهموني .

( س ) وفي حديث حنظلة تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين تقول : جعلت الشيء رأي عينك وبمرأى منك : أي حذاءك ومقابلك بحيث تراه ، وهو منصوب على المصدر : أي كأنا نراهما رأي العين .

( س ) وفي حديث الرؤيا : فإذا رجل كريه المرآة أي قبيح المنظر . يقال : رجل حسن المنظر والمرآة ، وحسن في مرآة العين ، وهي مفعلة من الرؤية .

* ومنه الحديث حتى يتبين له رئيهما هو بكسر الراء وسكون الهمزة : أي منظرهما وما يرى منهما . وقد تكرر .

( هـ ) وفي الحديث أرأيتك ، وأرأيتكما ، وأرأيتكم وهي كلمة تقولها العرب عند الاستخبار بمعنى أخبرني ، وأخبراني ، وأخبروني . وتاؤها مفتوحة أبدا .

* وكذلك تكرر أيضا ألم تر إلى فلان ، وألم تر إلى كذا وهي كلمة تقولها العرب عند التعجب من الشيء ، وعند تنبيه المخاطب ، كقوله تعالى : ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ، ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب أي ألم تعجب بفعلهم ، وألم ينته شأنهم إليك .

* وفي حديث عمر قال لسواد بن قارب : أنت الذي أتاك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم يقال للتابع من الجن رئي بوزن كمي ، وهو فعيل ، أو فعول ، سمي به لأنه يتراءى لمتبوعه ، أو هو من الرأي ، من قولهم فلان رئي قومه : إذا كان صاحب رأيهم ، وقد تكسر راؤه لإتباعها ما بعدها .

( هـ ) وفي حديث الخدري فإذا رئي مثل نحي . يعني حية عظيمة كالزق ، سماها بالرئي الجني ; لأنهم يزعمون أن الحيات من مسخ الجن ، ولهذا سموه شيطانا وحبابا وجانا .

( س ) وفي حديث عمر وذكر المتعة ارتأى امرؤ بعد ذلك ما شاء أن يرتئي أي أفكر وتأنى ، وهو افتعل من رؤية القلب ، أو من الرأي .

[ ص: 179 ] * ومنه حديث الأزرق بن قيس وفينا رجل له رأي . يقال : فلان من أهل الرأي : أي أنه يرى رأي الخوارج ويقول بمذهبهم وهو المراد هاهنا ، والمحدثون يسمون أصحاب القياس أصحاب الرأي ، يعنون أنهم يأخذون برأيهم فيما يشكل من الحديث ، أو ما لم يأت فيه حديث ولا أثر .

التالي السابق


الخدمات العلمية