صفحة جزء
( رجع ) * في حديث الزكاة فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية التراجع بين الخليطين : أن يكون لأحدهما مثلا أربعون بقرة ، وللآخر ثلاثون ومالهما مشترك ، فيأخذ العامل عن الأربعين مسنة ، وعن الثلاثين تبيعا ، فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على خليطه ، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على خليطه ; لأن كل واحد من السنين واجب على الشيوع ، كأن المال ملك واحد . وفي قوله : بالسوية . دليل على أن الساعي إذا ظلم أحدهما فأخذ منه زيادة على فرضه فإنه لا يرجع بها على شريكه ، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب عليه دون الزيادة . ومن أنواع التراجع أن يكون بين رجلين أربعون شاة ، لكل واحد منهما عشرون ، ثم كل واحد منهما يعرف عين ماله ، فيأخذ العامل من غنم أحدهما شاة ، فيرجع على شريكه بقيمة نصف شاة . وفيه دليل على أن الخلطة تصح مع تمييز أعيان الأموال عند من يقول به .

( هـ ) * وفيه أنه رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء ، فسأل عنها المصدق فقال : إني ارتجعتها بإبل . فسكت الارتجاع : أن يقدم الرجل بإبله المصر فيبيعها ثم يشتري بثمنها غيرها فهي الرجعة بالكسر ، وكذلك هو في الصدقة إذا وجب على رب المال سن من الإبل فأخذ مكانها سنا أخرى ، فتلك التي أخذ رجعة ; لأنه ارتجعها من الذي وجبت عليه .

( هـ ) * ومنه حديث معاوية شكت بنو تغلب إليه السنة ، فقال : كيف تشكون الحاجة مع اجتلاب المهارة وارتجاع البكارة أي تجلبون أولاد الخيل فتبيعونها وترتجعون بأثمانها البكارة للقنية ، يعني الإبل .

( هـ ) وفيه ذكر رجعة الطلاق في غير موضع . وتفتح راؤها وتكسر على المرة والحالة ، وهو ارتجاع الزوجة المطلقة غير البائنة إلى النكاح من غير استئناف عقد .

* وفي حديث السحور فإنه يؤذن بليل ; ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم القائم : هو الذي [ ص: 202 ] يصلي صلاة الليل ، ورجوعه : عوده إلى نومه ، أو قعوده عن صلاته إذا سمع الأذان . ويرجع : فعل قاصر ومتعد ، تقول : رجع زيد ، ورجعته أنا ، وهو هاهنا متعد ; ليزاوج " يوقظ " .

( س ) وفي صفة قراءته عليه الصلاة والسلام يوم الفتح أنه كان يرجع الترجيع : ترديد القراءة ، ومنه ترجيع الأذان . وقيل هو تقارب ضروب الحركات في الصوت . وقد حكى عبد الله بن مغفل ترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو : آء آء آء ، وهذا إنما حصل منه والله أعلم يوم الفتح ; لأنه كان راكبا ، فجعلت الناقة تحركه وتنزيه ، فحدث الترجيع في صوته .

( س ) وفي حديث آخر غير أنه كان لا يرجع ووجهه أنه لم يكن حينئذ راكبا ، فلم يحدث في قراءته الترجيع .

( س ) وفيه أنه نفل في البدأة الربع ، وفي الرجعة الثلث أراد بالرجعة عود طائفة من الغزاة إلى الغزو بعد قفولهم ، فينفلهم الثلث من الغنيمة ; لأن نهوضهم بعد القفول أشق ، والخطر فيه أعظم . وقد تقدم هذا مستقصى في حرف الباء . والرجعة : المرة من الرجوع .

* ومنه حديث ابن عباس من كان له مال يبلغه حج بيت الله ، أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل ، سأل الرجعة عند الموت أي سأل أن يرد إلى الدنيا ليحسن العمل ، ويستدرك ما فات . والرجعة : مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم . ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء ، يقولون : إن الميت يرجع إلى الدنيا ويكون فيها حيا كما كان ، ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون : إن علي بن أبي طالب مستتر في السحاب ، فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء : اخرج مع فلان . ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا يريد الكفار ، نحمد الله على الهداية والإيمان .

( س ) وفي حديث ابن مسعود أنه قال للجلاد : اضرب وارجع يديك قيل : معناه أن لا يرفع يديه إذا أراد الضرب ، كأنه كان قد رفع يده عند الضرب ، فقال : ارجعها إلى موضعها .

( س ) وفي حديث ابن عباس أنه حين نعي له قثم استرجع أي قال : إنا لله وإنا إليه راجعون . يقال منه : رجع واسترجع . وقد تكرر ذكره في الحديث .

[ ص: 203 ] ( هـ ) وفيه أنه نهى أن يستنجى برجيع أو عظم الرجيع : العذرة والروث ، سمي رجيعا لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا .

( هـ ) وفيه ذكر غزوة الرجيع وهو ماء لهذيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية