صفحة جزء
( رمم ) ( س ) فيه قال : يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت قال الحربي : هكذا يرويه المحدثون ، ولا أعرف وجهه ، والصواب : أرمت ، فتكون التاء لتأنيث العظام ، أو رممت : أي صرت رميما . وقال غيره : إنما هو أرمت بوزن ضربت . وأصله أرممت : أي بليت ، فحذفت إحدى الميمين ، كما قالوا أحست في أحسست . وقيل : إنما هو أرمت بتشديد التاء على أنه أدغم إحدى الميمين في التاء ، وهذا قول ساقط ; لأن الميم لا تدغم في التاء أبدا . وقيل : يجوز أن يكون أرمت بضم الهمزة بوزن أمرت ، من قولهم أرمت الإبل تأرم إذا تناولت العلف وقلعته من الأرض .

قلت : أصل هذه الكلمة من رم الميت ، وأرم إذا بلي . والرمة : العظم البالي ، والفعل الماضي من أرم للمتكلم والمخاطب أرممت وأرممت بإظهار التضعيف ، وكذلك كل فعل مضعف فإنه يظهر فيه التضعيف معهما ، تقول في شد : شددت ، وفي أعد : أعددت ، وإنما ظهر التضعيف لأن تاء المتكلم والمخاطب متحركة ولا يكون ما قبلهما إلا ساكنا ، فإذا سكن ما قبلها وهي الميم الثانية التقى [ ص: 267 ] ساكنان ، فإن الميم الأولى سكنت لأجل الإدغام ولا يمكن الجمع بين ساكنين ، ولا يجوز تحريك الثاني لأنه وجب سكونه لأجل تاء المتكلم والمخاطب ، فلم يبق إلا تحريك الأول ، وحيث حرك ظهر التضعيف ، والذي جاء في هذا الحديث بالإدغام ، وحيث لم يظهر التضعيف فيه على ما جاء في الرواية احتاجوا أن يشددوا التاء ليكون ما قبلها ساكنا حيث تعذر تحريك الميم الثانية ، أو يتركوا القياس في التزام ما قبل تاء المتكلم والمخاطب .

فإن صحت الرواية ولم تكن محرفة فلا يمكن تخريجه إلا على لغة بعض العرب ، فإن الخليل زعم أن ناسا من بكر بن وائل يقولون : ردت وردت ، وكذلك مع جماعة المؤنث يقولون : ردن ومرن ، يريدون رددت ورددت ، وارددن وامررن . قال : كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول التاء والنون ، فيكون لفظ الحديث : أرمت بتشديد الميم وفتح التاء . والله أعلم .

( هـ ) وفي حديث الاستنجاء أنه نهى عن الاستنجاء بالروث والرمة الرمة والرميم : العظم البالي . ويجوز أن تكون الرمة جمع الرميم ، وإنما نهى عنها لأنها ربما كانت ميتة ، وهي نجسة ، أو لأن العظم لا يقوم مقام الحجر لملاسته .

( س ) وفي حديث عمر رضي الله عنه قبل أن يكون ثماما ثم رماما الرمام بالضم : مبالغة في الرميم ، يريد الهشيم المتفتت من النبت . وقيل هو حين تنبت رءوسه فترم : أي تؤكل .

( هـ ) وفيه أيكم المتكلم بكذا وكذا ؟ فأرم القوم أي سكتوا ولم يجيبوا . يقال أرم فهو مرم . ويروى : فأزم بالزاي وتخفيف الميم ، وهو بمعناه ; لأن الأزم الإمساك عن الطعام والكلام ، وقد تقدم في حرف الهمزة .

ومنه الحديث الآخر فلما سمعوا بذلك أرموا ورهبوا أي سكتوا وخافوا .

( هـ ) وفي حديث علي رضي الله عنه يذم الدنيا " وأسبابها رمام " أي بالية ، وهي بالكسر جمع رمة بالضم ، وهي قطعة حبل بالية .

( هـ ) ومنه حديث علي إن جاء بأربعة يشهدون وإلا دفع إليه برمته الرمة بالضم : قطعة حبل يشد بها الأسير أو القاتل إذا قيد إلى القصاص : أي يسلم إليهم بالحبل الذي شد به تمكينا لهم منه لئلا يهرب ، ثم اتسعوا فيه حتى قالوا أخذت الشيء برمته : أي كله .

[ ص: 268 ] وفيه ذكر رم بضم الراء وتشديد الميم ، وهي بئر بمكة من حفر مرة بن كعب .

( س ) وفي حديث النعمان بن مقرن فلينظر إلى شسعه ورم ما دثر من سلاحه الرم : إصلاح ما فسد ولم ما تفرق .

( هـ ) وفيه عليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر أي تأكل ، وفي رواية : ترتم ، وهي بمعناه ، وقد تقدم في رمرم .

( س ) وفي حديث زياد بن حدير حملت على رم من الأكراد أي جماعة نزول ، كالحي من الأعراب . قال أبو موسى : وكأنه اسم أعجمي . ويجوز أن يكون من الرم ، وهو الثرى . ومنه قولهم : جاء بالطم والرم .

( هـ ) وفي حديث أم عبد المطلب جد النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت حين أخذه عمه المطلب منها : كنا ذوي ثمه ورمه يقال ما له ثم ولا رم ، فالثم قماش البيت ، والرم مرمة البيت ، كأنها أرادت كنا القائمين بأمره منذ ولد إلى أن شب وقوي . وقد تقدم في حرف الثاء مبسوطا .

وهذا الحديث ذكره الهروي في حرف الراء من قول أم عبد المطلب ، وقد كان رواه في حرف الثاء من قول أخوال أحيحة بن الجلاح فيه ، وكذا رواه مالك في الموطأ عن أحيحة ، ولعله قد قيل في شأنهما معا ، ويشهد لذلك أن الأزهري قال : هذا الحرف روته الرواة هكذا ، وأنكره أبو عبيد في حديث أحيحة ، والصحيح ما روته الرواة .

التالي السابق


الخدمات العلمية