صفحة جزء
( سعى ) ( س ) فيه لا مساعاة في الإسلام ، ومن ساعى في الجاهلية فقد لحق بعصبته المساعاة الزنا ، وكان الأصمعي يجعلها في الإماء دون الحرائر لأنهن كن يسعين لمواليهن فيكسبن لهم بضرائب كانت عليهن . يقال : ساعت الأمة إذا فجرت . وساعاها فلان إذا فجر بها ، وهو مفاعلة من السعي ، كأن كل واحد منهما يسعى لصاحبه في حصول غرضه ، فأبطل الإسلام ذلك ولم يلحق النسب بها ، وعفا عما كان منها في الجاهلية ممن ألحق بها .

( هـ ) ومنه حديث عمر أنه أتي في نساء أو إماء ساعين في الجاهلية ، فأمر بأولادهن أن يقوموا على أبائهم ولا يسترقوا . معنى التقويم : أن تكون قيمتهم على الزانين لموالي الإماء ، ويكونوا أحرارا لاحقي الأنساب بآبائهم الزناة . وكان عمر رضي الله عنه يلحق أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام ، على شرط التقويم . وإذا كان الوطء والدعوى جميعا في الإسلام فدعواه باطلة ، والولد مملوك ; لأنه عاهر ، وأهل العلم من الأئمة على خلاف ذلك . ولهذا أنكروا بأجمعهم على معاوية في استلحاقه زيادا ، وكان الوطء في الجاهلية والدعوى في الإسلام .

( هـ ) وفي حديث وائل بن حجر أن وائلا يستسعى ويترفل على الأقوال أي يستعمل على الصدقات ، ويتولى استخراجها من أربابها ، وبه سمي عامل الزكاة الساعي . وقد تكرر في الحديث مفردا ومجموعا .

[ ص: 370 ] ومنه قوله ولتدركن القلاص فلا يسعى عليها أي تترك زكاتها فلا يكون لها ساع .

( س هـ ) ومنه حديث العتق إذا أعتق بعض العبد فإن لم يكن له مال استسعي غير مشقوق عليه استسعاء العبد إذا عتق بعضه ورق بعضه : هو أن يسعى في فكاك ما بقي من رقه ، فيعمل ويكسب ويصرف ثمنه إلى مولاه ، فسمي تصرفه في كسبه سعاية . وغير مشقوق عليه : أي لا يكلفه فوق طاقته . وقيل معناه استسقى العبد لسيده : أي يستخدمه مالك باقيه بقدر ما فيه من الرق ، ولا يحمله ما لا يقدر عليه . قال الخطابي : قوله : استسعي غير مشقوق عليه ، لا يثبته أكثر أهل النقل مسندا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويزعمون أنه من قول قتادة .

( هـ ) وفي حديث حذيفة في الأمانة وإن كان يهوديا أو نصرانيا ليردنه علي ساعيه ، يعني رئيسهم الذي يصدرون عن رأيه ولا يمضون أمرا دونه . وقيل أراد الوالي الذي عليه : أي ينصفني منه ، وكل من ولي أمر قوم فهو ساع عليهم .

( هـ ) وفيه إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون السعي : العدو ، وقد يكون مشيا ، ويكون عملا وتصرفا ، ويكون قصدا ، وقد تكرر في الحديث . فإذا كان بمعنى المضي عدي بإل‍ى ، وإذا كان بمعنى العمل عدي باللام .

ومنه حديث علي في ذم الدنيا من ساعاها فاتته أي سابقها ، وهي مفاعلة ، من السعي ، كأنها تسعى ذاهبة عنه ، وهو يسعى مجدا في طلبها ، فكل منهما يطلب الغلبة في السعي .

( هـ ) وفي حديث ابن عباس الساعي لغير رشدة أي الذي يسعى بصاحبه إلى السلطان ليؤذيه ، يقول هو ليس بثابت النسب وولد حلال .

( هـ ) ومنه حديث كعب الساعي مثلث يريد أنه يهلك بسعايته ثلاثة نفر : السلطان والمسعي به ونفسه .

[ ص: 371 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية