صفحة جزء
( سنن ) ‏ * قد تكرر في الحديث ذكر " السنة " وما تصرف منها‏ . ‏ والأصل فيها الطريقة والسيرة . ‏ وإذا أطلقت في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا ، مما لم ينطق به الكتاب العزيز‏ . ‏ ولهذا يقال في أدلة الشرع الكتاب والسنة ، أي القرآن والحديث .

[ ص: 410 ] ( س ) ومنه الحديث " إنما أنسى لأسن ) أي إنما أدفع إلى النسيان لأسوق الناس بالهداية إلى الطريق المستقيم ، وأبين لهم ما يحتاجون أن يفعلوا إذا عرض لهم النسيان‏ . ‏ ويجوز أن يكون من سننت الإبل إذا أحسنت رعيتها والقيام عليها‏ .

* ومنه حديث " أنه نزل المحصب ولم يسنه " أي لم يجعله سنة يعمل بها‏ . ‏ وقد يفعل الشيء لسبب خاص فلا يعم غيره‏ . ‏ وقد يفعل لمعنى فيزول ذلك المعنى ويبقى الفعل على حاله متبعا ، كقصر الصلاة في السفر للخوف ، ثم استمر القصر مع عدم الخوف‏ .

( س ) ومنه حديث ابن عباس " رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بسنة " أي أنه لم يسن فعله لكافة الأمة ، ولكن لسبب خاص ، وهو أن يري المشركين قوة أصحابه ، وهذا مذهب ابن عباس ، وغيره يرى أن الرمل في طواف القدوم سنة‏ .

* وفي حديث محلم بن جثامة " اسنن اليوم وغير غدا " أي اعمل بسنتك التي سننتها في القصاص ، ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغير فغير‏ : ‏ أي تغير ما سننت‏ . ‏ وقيل تغير : ‏ من أخذ الغير ، وهي الدية .

* وفيه " إن أكبر الكبائر أن تقاتل أهل صفقتك ، وتبدل سنتك " أراد بتبديل السنة أن يرجع أعرابيا بعد هجرته‏ .

( هـ ) وفي حديث المجوس " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " أي خذوهم على طريقتهم وأجروهم في قبول الجزية منهم مجراهم‏ .

( س ) ومنه الحديث " لا ينقض عهدهم عن سنة ماحل " أي لا ينقض بسعي ساع بالنميمة والإفساد ، كما يقال‏ : ‏ لا أفسد ما بيني وبينك بمذاهب الأشرار وطرقهم في الفساد‏ . ‏ والسنة الطريقة ، والسنن أيضا‏ .

‏ ( هـ ) ومنه الحديث " ألا رجل يرد عنا من سنن هؤلاء " ‏ .

( س ) وفي حديث الخيل " استنت شرفا أو شرفين " استن الفرس يستن استنانا‏ : ‏ أي عدا لمرحه ونشاطه شوطا أو شوطين ولا راكب عليه‏ .

[ ص: 411 ] ( هـ ) ومنه الحديث " إن فرس المجاهد ليستن في طوله‏ " .

( س ) وحديث عمر " رأيت أباه يستن بسيفه كما يستن الجمل " أي يمرح ويخطر به‏ . ‏ وقد تكرر في الحديث‏ .

( س ) وفي حديث السواك " أنه كان يستن بعود من أراك " الاستنان‏ : ‏ استعمال السواك ، وهو افتعال من الأسنان‏ : ‏ أي يمره عليها‏ .

( س ) ومنه حديث الجمعة " وأن يدهن ويستن " ‏ .

( س ) وحديث عائشة في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم " فأخذت الجريدة فسننته بها " أي سوكته بها‏ . ‏ وقد تكرر في الحديث‏ .

( هـ ) وفيه " أعطوا الركب أسنتها " قال أبو عبيد : ‏ إن كانت اللفظة محفوظة فكأنها جمع الأسنان‏ . ‏ يقال لما تأكله الإبل وترعاه من العشب سن وجمعه أسنان ، ثم أسنة .

وقال غيره‏‏ : ‏ الأسنة جمع السنان لا جمع الأسنان ، تقول العرب‏ : ‏ الحمض يسن الإبل على الخلة : ‏ أي يقويها كما يقوي السن حد السكين‏ . ‏ فالحمض سنان لها على رعي الخلة . ‏ والسنان الاسم ، وهو القوة .

واستصوب الأزهري القولين معا‏ . ‏ وقال الفراء ‏ : ‏ السن الأكل الشديد‏ .

وقال الأزهري‏ : ‏ أصابت الإبل سنا من الرعي إذا مشقت منه مشقا صالحا‏ . ‏ ويجمع السن بهذا المعنى أسنانا [ ثم تجمع الأسنان أسنة ‏ ] ‏ ‏ . ‏ مثل كن وأكنان وأكنة وقال الزمخشري‏ : ‏ " المعنى أعطوها ما تمتنع به من النحر ; لأن صاحبها إذا أحسن رعيها سمنت وحسنت في عينه فيبخل بها من أن تنحر ، فشبه ذلك بالأسنة في وقوع الامتناع بها " ‏ .

[ ص: 412 ] هذا على أن المراد بالأسنة جمع سنان ، وإن أريد بها جمع سن فالمعنى أمكنوها من الرعي‏ .

( س ) ومنه الحديث " أعطوا السن حظها من السن " أي أعطوا ذوات السن وهي الدواب حظها من السن وهو الرعي‏ .

‏ ( هـ ) ومنه حديث جابر " فأمكنوا الركاب أسنانا " أي ترعى أسنانا‏ .

* وفي حديث الزكاة " أمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا ومن كل أربعين مسنة " قال الأزهري‏ : ‏ والبقرة الشاة يقع عليهما اسم المسن إذا أثنيا ، وتثنيان في السنة الثالثة ، وليس معنى إسنانها كبرها كالرجل المسن ، ولكن معناه طلوع سنها في السنة الثالثة .

‏ ( هـ ) وفي حديث ابن عمر " ينفى من الضحايا التي لم تسنن " رواه القتيبي بفتح النون الأولى ، قال‏ : ‏ وهي التي لم تنبت أسنانها ، كأنها لم تعط أسنانا ، كما يقال لم يلبن فلان إذا لم يعط لبنا‏ . ‏ قال الأزهري‏ : ‏ وهم في الرواية ، وإنما المحفوظ عن أهل الثبت والضبط بكسر النون ، وهو الصواب في العربية‏ . ‏ يقال لم تسنن ولم تسن‏ . ‏ وأراد ابن عمر أنه لا يضحى بأضحية لم تثن‏ : ‏ أي لم تصر ثنية ، فإذا أثنت فقد أسنت‏ . ‏ وأدنى الأسنان الإثناء‏ .

( س ) وفي حديث عمر " أنه خطب فذكر الربا فقال : إن فيه أبوابا لا تخفى على أحد منها السلم في السن " يعني الرقيق والدواب وغيرهما من الحيوان‏ . ‏ أراد ذوات السن‏ . ‏ وسن الجارحة مؤنثة‏ . ‏ ثم استعيرت للعمر استدلالا بها على طوله وقصره‏ . ‏ وبقيت على التأنيث‏ .

( س ) ومنه حديث علي‏ : ‏ * بازل عامين حديث سني * ‏ أي أنا شاب حدث في العمر ، كبير قوي في العقل والعلم‏ .

‏ ( هـ ) وحديث عثمان " وجاوزت أسنان أهل بيتي " أي أعمارهم‏ . ‏ يقال فلان سن فلان ، إذا كان مثله في السن‏ .

[ ص: 413 ] * وفي حديث ابن ذي يزن " لأوطئن أسنان العرب كعبه " يريد ذوي أسنانهم ، وهم الأكابر والأشراف‏ .

[ هـ ] وفي حديث علي " صدقني سن بكره " هذا مثل يضرب للصادق في خبره ، ويقوله الإنسان على نفسه وإن كان ضارا له . ‏ وأصله أن رجلا ساوم رجلا في بكر ليشتريه ، فسأل صاحبه عن سنه فأخبره بالحق ، فقال المشتري‏ : ‏ صدقني سن بكره‏ .

* وفي حديث بول الأعرابي في المسجد " فدعا بدلو من ماء فسنه عليه " أي صبه‏ . ‏ والسن الصب في سهولة . ‏ ويروى بالشين‏ . ‏ وسيجيء‏ .

( هـ ) ومنه حديث الخمر " سنها في البطحاء " ‏ .

( هـ ) وحديث ابن عمر " كان يسن الماء على وجهه ولا يشنه " أي كان يصبه ولا يفرقه عليه‏ .

* ومنه حديث عمرو بن العاص عند موته " فسنوا علي التراب سنا " أي ضعوه وضعا سهلا‏ .

( س ) وفيه " أنه حض على الصدقة ، فقام رجل قبيح السنة " ‏ : ‏ السنة : ‏ الصورة ، وما أقبل عليك من الوجه‏ . ‏ وقيل سنة الخد‏ : ‏ صفحته‏ .

( س ) وفي حديث بروع بنت واشق " وكان زوجها سن في بئر " أي تغير وأنتن ، من قوله تعالى‏ : ‏ من حمإ مسنون أي متغير . ‏ وقيل أراد بسن أسن بوزن سمع ، وهو أن يدور رأسه من ريح كريهة شمها ويغشى عليه‏ .

التالي السابق


الخدمات العلمية