صفحة جزء
( بدع ) في أسماء الله تعالى " البديع " ، هو الخالق المخترع لا عن مثال سابق ، فعيل بمعنى مفعل . يقال أبدع فهو مبدع .

( هـ ) وفيه : " أن تهامة كبديع العسل ، حلو أوله حلو آخره " البديع : الزق الجديد ، شبه به تهامة لطيب هوائها ، وأنه لا يتغير كما أن العسل لا يتغير .

( س ) وفي حديث عمر رضي الله عنه في قيام رمضان : " نعمت البدعة هذه " البدعة بدعتان : بدعة هدى ، وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار ، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله أو رسوله فهو في حيز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا فقال : من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها وقال في ضده : ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم . ومن [ ص: 107 ] هذا النوع قول عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه . لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم ، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها ، فبهذا سماها بدعة ، وهي على الحقيقة سنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وقوله : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر كل محدثة بدعة إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة . وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفا في الذم .

* وفي حديث الهدي : فأزحفت عليه بالطريق فعي بشأنها إن هي أبدعت يقال أبدعت الناقة إذا انقطعت عن السير بكلال أو ظلع ، كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير إبداعا ، أي إنشاء أمر خارج عما اعتيد منها .

* ومنه الحديث : " كيف أصنع بما أبدع علي منها " وبعضهم يرويه أبدعت . وأبدع على ما لم يسم فاعله . وقال : هكذا يستعمل . والأول أوجه وأقيس .

( هـ ) ومنه الحديث : " أتاه رجل فقال إني أبدع بي فاحملني " أي انقطع بي لكلال راحلتي .

التالي السابق


الخدمات العلمية