صفحة جزء
( باب العين مع الصاد )

( عصب ) * فيه أنه ذكر الفتن وقال : فإذا رأى الناس ذلك أتته أبدال الشام وعصائب العراق فيتبعونه . العصائب : جمع عصابة ، وهم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين ، ولا واحد لها من لفظها .

ومنه حديث علي " الأبدال بالشام ، والنجباء بمصر ، والعصائب بالعراق " أراد أن التجمع للحروب يكون بالعراق . وقيل : أراد جماعة من الزهاد وسماهم بالعصائب ; لأنه قرنهم بالأبدال والنجباء .

[ ص: 244 ] ( هـ ) وفيه ثم يكون في آخر الزمان أمير العصب هي جمع عصبة كالعصابة ، ولا واحد لها من لفظها . وقد تكرر ذكرهما في الحديث .

( هـ ) وفيه أنه - عليه السلام - شكى إلى سعد بن عبادة عبد الله بن أبي فقال : اعف عنه فقد كان اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يعصبوه بالعصابة ، فلما جاء الله بالإسلام شرق بذلك يعصبوه : أي يسودوه ويملكوه . وكانوا يسمون السيد المطاع : معصبا ; لأنه يعصب بالتاج أو تعصب به أمور الناس : أي ترد إليه وتدار به . [ وكان يقال له أيضا : المعمم ] والعمائم تيجان العرب ، وتسمى العصائب ، واحدتها : عصابة .

( س ) ومنه الحديث أنه رخص في المسح على العصائب والتساخين وهي كل ما عصبت به رأسك من عمامة أو منديل أو خرقة .

* ومنه حديث المغيرة " فإذا أنا معصوب الصدر " كان من عادتهم إذا جاع أحدهم أن يشد جوفه بعصابة ، وربما جعل تحتها حجرا .

* ومنه حديث علي " فروا إلى الله وقوموا بما عصبه بكم " أي بما افترضه عليكم وقرنه بكم من أوامره ونواهيه .

( س ) ومنه حديث بدر قال عتبة بن ربيعة : ارجعوا ولا تقاتلوا واعصبوها برأسي ، يريد السبة التي تلحقهم بترك الحرب والجنوح إلى السلم ، فأضمرها اعتمادا على معرفة المخاطبين : أي اقرنوا هذه الحال بي وانسبوها إلي وإن كانت ذميمة .

( س ) وفي حديث بدر أيضا لما فرغ منها أتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار أي ركبه وعلق به ، من : عصب الريق فاه إذا لصق به . ويروى " عصم " بالميم ، وسيجيء .

( هـ ) وفي خطبة الحجاج " لأعصبنكم عصب السلمة " هي شجرة ورقها القرظ ، ويعسر خرط ورقها فتعصب أغصانها ; بأن تجمع ويشد بعضها إلى بعض بحبل ، ثم تخبط بعصا فيتناثر ورقها . وقيل : إنما يفعل بها ذلك إذا أرادوا قطعها حتى يمكنهم الوصول إلى أصلها .

[ ص: 245 ] ( هـ ) ومنه حديث عمرو ومعاوية " إن العصوب يرفق بها حالبها فتحلب العلبة " العصوب من النوق : التي لا تدر حتى يعصب فخذاها : أي يشدان بالعصابة .

وفيه المعتدة لا تلبس المصبغة إلا ثوب عصب العصب : برود يمنية يعصب غزلها : أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ . يقال : برد عصب ، وبرود عصب بالتنوين والإضافة . وقيل : هي برود مخططة . والعصب : الفتل ، والعصاب : الغزال ، فيكون النهي للمعتدة عما صبغ بعد النسج .

( س ) ومنه حديث عمر " أنه أراد أن ينهى عن عصب اليمن " ، وقال : نبئت أنه يصبغ بالبول . ثم قال : نهينا عن التعمق .

( س ) وفيه أنه قال لثوبان : اشتر لفاطمة قلادة من عصب ، وسوارين من عاج قال الخطابي في " المعالم " : إن لم تكن الثياب اليمانية فلا أدري ما هي ، وما أرى أن القلادة تكون منها .

وقال أبو موسى : يحتمل عندي أن الرواية إنما هي " العصب " بفتح الصاد ، وهي أطناب مفاصل الحيوانات ، وهو شيء مدور ، فيحتمل أنهم كانوا يأخذون عصب بعض الحيوانات الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز ، فإذا يبس يتخذون منه القلائد ، وإذا جاز وأمكن أن يتخذ من عظام السلحفاة وغيرها الأسورة جاز ، وأمكن أن يتخذ من عصب أشباهها خرز تنظم منه القلائد .

قال : ثم ذكر لي بعض أهل اليمن : أن العصب سن دابة تسمى فرس فرعون ، يتخذ منها الخرز وغير الخرز من نصاب سكين وغيره ، ويكون أبيض .

وفيه العصبي من يعين قومه على الظلم العصبي : هو الذي يغضب لعصبته ويحامي عنهم . والعصبة : الأقارب من جهة الأب ، لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم : أي يحيطون به ويشتد بهم .

[ ص: 246 ] * ومنه الحديث ليس منا من دعا إلى عصبية ، أو قاتل عصبية العصبية والتعصب : المحاماة والمدافعة . وقد تكرر في الحديث ذكر العصبة والعصبية .

( هـ ) وفي حديث الزبير لما أقبل نحو البصرة وسئل عن وجهه فقال :

علقتهم إني خلقت عصبه قتادة تعلقت بنشبه

العصبة : اللبلاب ، وهو نبات يتلوى على الشجر . والنشبة من الرجال : الذي إذا علق بشيء لم يكد يفارقه . ويقال للرجل الشديد المراس : قتادة لويت بعصبة . والمعنى خلقت علقة لخصومي . فوضع العصبة موضع العلقة ، ثم شبه نفسه في فرط تعلقه وتشبثه بهم بالقتادة إذا استظهرت في تعلقها واستمسكت بنشبة : أي بشيء شديد النشوب . والباء التي في " بنشبة " للاستعانة ، كالتي في : كتبت بالقلم .

* وفي حديث المهاجرين إلى المدينة " فنزلوا العصبة " وهو موضع بالمدينة عند قباء ، وضبطه بعضهم بفتح العين والصاد .

( س ) وفيه أنه كان في مسير [ فرفع صوته ] فلما سمعوا صوته اعصوصبوا أي اجتمعوا وصاروا عصابة واحدة وجدوا في السير ، واعصوصب السير : اشتد ، كأنه من الأمر العصيب وهو الشديد .

التالي السابق


الخدمات العلمية