صفحة جزء
( عما ) [ هـ ] في حديث أبي رزين قال : يا رسول الله ، أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه ؟ فقال : كان في عماء ، تحته هواء وفوقه هواء العماء بالفتح والمد : السحاب . قال أبو عبيد : لا يدرى كيف كان ذلك العماء .

وفي رواية " كان في عما " بالقصر ، ومعناه ليس معه شيء .

وقيل : هو كل أمر لا تدركه عقول بني آدم ، ولا يبلغ كنهه الوصف والفطن .

ولابد في قوله : أين كان ربنا من مضاف محذوف ، كما حذف في قوله تعالى : هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله ونحوه ، فيكون التقدير : أين كان عرش ربنا ؟ . ويدل عليه قوله تعالى : وكان عرشه على الماء .

قال الأزهري : نحن نؤمن به ولا نكيفه بصفة : أي نجري اللفظ على ما جاء عليه من غير تأويل .

ومنه حديث الصوم فإن عمي عليكم هكذا جاء في رواية ، قيل : هو من العماء : السحاب الرقيق : أي حال دونه ما أعمى الأبصار عن رؤيته .

وفي حديث الهجرة لأعمين على من ورائي من التعمية والإخفاء والتلبيس ، حتى لا يتبعكما أحد .

( هـ س ) وفيه من قتل تحت راية عمية فقتلته جاهلية قيل : هو فعيلة ، من العماء : الضلالة ، كالقتال في العصبية والأهواء . وحكى بعضهم فيها ضم العين .

( هـ ) ومنه حديث الزبير " لئلا نموت ميتة عمية " أي ميتة فتنة وجهالة .

[ ص: 305 ] * ومنه الحديث من قتل في عميا في رمي يكون بينهم فهو خطأ وفي رواية في عمية في رميا تكون بينهم بالحجارة فهو خطأ العميا بالكسر والتشديد والقصر : فعيلى من العمى ، كالرميا من الرمي ، والخصيصى من التخصيص ، وهي مصادر . والمعنى أن يوجد بينهم قتيل يعمى أمره ولا يتبين قاتله ، فحكمه حكم قتيل الخطأ تجب فيه الدية .

* ومنه الحديث الآخر ينزو الشيطان بين الناس فيكون دما في عمياء في غير ضغينة أي في غير جهالة من غير حقد وعداوة . والعمياء : تأنيث الأعمى ، يريد بها الضلالة والجهالة .

( هـ ) ومنه الحديث تعوذوا بالله من الأعميين هما السيل والحريق ; لما يصيب من يصيبانه من الحيرة في أمره ، أو لأنهما إذا حدثا ووقعا لا يبقيان موضعا ولا يتجنبان شيئا ، كالأعمى الذي لا يدري أين يسلك ، فهو يمشي حيث أدته رجله .

( هـ ) ومنه حديث سلمان " سئل ما يحل لنا من ذمتنا ؟ فقال : من عماك إلى هداك " أي إذا ضللت طريقا أخذت منهم رجلا حتى يقفك على الطريق . وإنما رخص سلمان في ذلك ; لأن أهل الذمة كانوا صولحوا على ذلك وشرط عليهم ، فأما إذا لم يشرط فلا يجوز إلا بالأجرة .

وقوله : " من ذمتنا " : أي من أهل ذمتنا .

( س ) وفيه إن لنا المعامي يريد الأرض المجهولة الأغفال التي ليس فيها أثر عمارة ، واحدها : معمى ، وهو موضع العمى ، كالمجهل .

* وفي حديث أم معبد " تسفهوا عمايتهم " العماية : الضلالة ، وهي فعالة من العمى .

( هـ ) وفيه أنه نهى عن الصلاة إذا قام قائم الظهيرة صكة عمي يريد أشد الهاجرة . يقال : لقيته صكة عمي : أي نصف النهار في شدة الحر ، ولا يقال إلا في القيظ ; لأن الإنسان إذا خرج وقتئذ لم يقدر أن يملأ عينيه من ضوء الشمس . وقد تقدم مبسوطا في حرف الصاد .

( هـ ) وفي حديث أبي ذر " أنه كان يغير على الصرم في عماية الصبح " أي في بقية ظلمة الليل .

[ ص: 306 ] ( هـ ) وفيه مثل المنافق مثل شاة بين ربيضين ، تعمو إلى هذه مرة وإلى هذه مرة يقال : عما يعمو إذا خضع وذل ، مثل عنا يعنو ، يريد أنها كانت تميل إلى هذه وإلى هذه .

التالي السابق


الخدمات العلمية