صفحة جزء
( باب الغين مع الفاء )

( غفر ) * في أسماء الله تعالى : " الغفار والغفور " وهما من أبنية المبالغة ، ومعناهما الساتر لذنوب عباده وعيوبهم ، المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم ، وأصل الغفر : التغطية ، يقال : غفر الله لك غفرا وغفرانا ومغفرة ، والمغفرة : إلباس الله تعالى العفو للمذنبين .

وفيه : " كان إذا خرج من الخلاء قال : " غفرانك " ، الغفران : مصدر ، وهو منصوب بإضمار أطلب ، وفي تخصيصه بذلك قولان :

أحدهما : التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم بها عليه من إطعامه وهضمه وتسهيل مخرجه فلجأ إلى الاستغفار من التقصير .

والثاني : أنه استغفر من تركه ذكر الله - تعالى - مدة لبثه على الخلاء ، فإنه كان لا يترك ذكر الله بلسانه أو قلبه إلا عند قضاء الحاجة ، فكأنه رأى ذلك تقصيرا فتداركه بالاستغفار .

[ ص: 374 ] وفيه : " غفار غفر الله لها " يحتمل أن يكون دعاء لها بالمغفرة ، أو إخبارا أن الله قد غفر لها .

ومنه حديث عمرو بن دينار : " قلت لعروة : كم لبث رسول الله بمكة ؟ قال : عشرا ، قلت : فابن عباس يقول بضع عشرة ، قال : فغفره " ، أي قال : غفر الله له .

( هـ ) وفي حديث عمر ، لما حصب المسجد : " قال : هو أغفر للنخامة " أي أستر لها .

وفي حديث الحديبية : " والمغيرة بن شعبة عليه المغفر " هو ما يلبسه الدارع على رأسه من الزرد ونحوه ، وقد تكرر في الحديث .

[ هـ ] وفيه : " أن قادما قدم عليه من مكة فقال : كيف تركت الحزورة ؟ فقال : جادها المطر فأغفرت بطحاؤها " : أي أن المطر نزل عليها حتى صار كالغفر من النبات ، والغفر : الزئبر على الثوب .

وقيل : أراد أن رمثها قد أغفرت : أي أخرجت مغافيرها ، والمغافير : شيء ينضحه شجر العرفط حلو كالناطف ، وهذا أشبه ، ألا ترى أنه وصف شجرها فقال : " وأبرم سلمها ، وأعذق إذخرها " .

( هـ ) ومنه حديث عائشة وحفصة : " قالت له سودة : أكلت مغافير ! " ، واحدها مغفور ، بالضم ، وله ريح كريهة منكرة ، ويقال أيضا : " المغاثير " بالثاء المثلثة ، وهذا البناء قليل في العربية لم يرد منه إلا مغفور ، ومنخور للمنخر ، ومغرود لضرب من الكمأة ، ومعلوق واحد المعاليق .

وفي حديث علي : " إذا رأى أحدكم لأخيه غفيرة في أهل أو مال فلا يكونن له فتنة " ، الغفيرة : الكثرة والزيادة ، من قولهم للجمع الكثير : الجم الغفير .

[ ص: 375 ] وفي حديث أبي ذر : " قلت : يا رسول الله ، كم الرسل ، قال : ثلاث مائة وخمسة عشر جم الغفير " ; أي جماعة كثيرة ، وقد تقدم في حرف الجيم مبسوطا مستقصى .

التالي السابق


الخدمات العلمية