صفحة جزء
( قول ) ( هـ ) فيه : أنه كتب لوائل بن حجر : إلى الأقوال العباهلة وفي رواية : " الأقيال " الأقوال : جمع قيل ، وهو الملك النافذ القول والأمر ، وأصله : قيول ، فيعل ، من القول ، فحذفت عينه ، ومثله : أموات ، في جمع ميت ، مخفف ميت ، وأما : " أقيال " فمحمول على لفظ قيل ، كما قالوا : أرياح ، في جمع : ريح ، والسائغ المقيس : أرواح .

( هـ س ) وفيه : أنه نهى عن قيل وقال أي : نهى عن فضول ما يتحدث به المتجالسون من قولهم : قيل كذا ، وقال كذا ، وبناؤهما على كونهما فعلين ماضيين متضمنين للضمير ، والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خلوين من الضمير ، وإدخال حرف التعريف عليهما ( لذلك ) في قولهم : القيل والقال ، وقيل : القال : الابتداء ، والقيل : الجواب .

وهذا إنما يصح إذا كانت الرواية : " قيل وقال " على أنهما فعلان ، فيكون النهي عن القول بما لا يصح ولا تعلم حقيقته ، وهو كحديثه الآخر : " بئس مطية الرجل زعموا " فأما من حكى ما يصح ويعرف حقيقته وأسنده إلى ثقة صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذم .

وقال أبو عبيد : فيه نحو وعربية ، وذلك أنه جعل القال مصدرا ، كأنه قال : نهى عن قيل وقول ، يقال : قلت قولا وقيلا وقالا ، وهذا التأويل على أنهما اسمان .

وقيل : أراد النهي عن كثرة الكلام مبتدئا ومجيبا .

[ ص: 123 ] وقيل : أراد به حكاية أقوال الناس ، والبحث عما لا يجدي عليه خيرا ولا يعنيه أمره .

ومنه الحديث : ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة القالة بين الناس أي : كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكى للبعض عن البعض .

ومنه الحديث : ففشت القالة بين الناس ويجوز أن يريد به القول والحديث .

( هـ س ) وفيه : سبحان الذي تعطف بالعز وقال به أي : أحبه واختصه لنفسه ، كما يقال : فلان يقول بفلان ؛ أي : بمحبته واختصاصه .

وقيل : معناه حكم به ، فإن القول يستعمل في معنى الحكم .

وقال الأزهري : معناه غلب به ، وأصله من القيل : الملك ؛ لأنه ينفذ قوله .

( هـ ) وفي حديث رقية النملة : " العروس تكتحل وتقتال وتحتفل " أي : تحتكم على زوجها .

( س ) وفيه : قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ، ولا يستجرينكم الشيطان أي : قولوا بقول أهل دينكم وملتكم ؛ أي : ادعوني رسولا ونبيا كما سماني الله ، ولا تسموني سيدا ، كما تسمون رؤساءكم ؛ لأنهم كانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة كالسيادة بأسباب الدنيا .

وقوله : " بعض قولكم " يعني : الاقتصاد في المقال وترك الإسراف فيه .

وفي حديث علي : " سمع امرأة تندب عمر ، فقال : أما والله ما قالته ، ولكن قولته " أي : لقنته وعلمته ، وألقي على لسانها ، يعني : من جانب الإلهام ؛ أي : أنه حقيق بما قالته فيه .

( هـ ) ومنه حديث ابن المسيب : " قيل له : ما تقول في عثمان وعلي ، فقال : أقول ما قولني الله ، ثم قرأ : والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان .

يقال : قولتني وأقولتني ؛ أي : علمتني ما أقول ، وأنطقتني ، وحملتني على القول .

وفيه : أنه سمع صوت رجل يقرأ بالليل فقال : أتقوله مرائيا ؟ أي : أتظنه ، وهو مختص بالاستفهام .

( هـ ) ومنه الحديث : لما أراد أن يعتكف ورأى الأخبية في المسجد ، فقال : البر تقولون بهن ؟ " أي : أتظنون وترون أنهن أردن البر .

وفعل القول إذا كان بمعنى الكلام لا يعمل فيما بعده ، تقول : قلت زيد قائم ، وأقول عمرو منطلق [ ص: 124 ] وبعض العرب يعمله فيقول : قلت زيدا قائما ، فإن جعلت القول بمعنى الظن أعملته مع الاستفهام ، كقولك : متى تقول عمرا ذاهبا ، وأتقول زيدا منطلقا ؟ ( س ) وفيه : فقال بالماء على يده

( س ) وفي حديث آخر : " فقال بثوبه هكذا " العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال ، وتطلقه على غير الكلام واللسان ، فتقول : قال بيده ؛ أي : أخذ : وقال برجله ؛ أي : مشى ، قال الشاعر :


وقالت له العينان سمعا وطاعة

* أي : أومأت ، وقال بالماء على يده ؛ أي : قلب ، وقال بثوبه ؛ أي : رفعه ، وكل ذلك على المجاز والاتساع كما روي في حديث السهو : فقال : ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : صدق روي أنهم أومئوا برءوسهم ؛ أي : نعم ، ولم يتكلموا ، ويقال : قال بمعنى أقبل ، وبمعنى مال ، واستراح ، وضرب ، وغلب ، وغير ذلك .

وقد تكرر ذكر : " القول " بهذه المعاني في الحديث .

( س ) وفي حديث جريج : " فأسرعت القولية إلى صومعته " هم الغوغاء وقتلة الأنبياء ، واليهود تسمي الغوغاء قولية .

التالي السابق


الخدمات العلمية