صفحة جزء
[ ص: 171 ] ( باب الكاف مع السين )

( كسب ) فيه : أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، وولده من كسبه إنما جعل الولد كسبا ؛ لأن الوالد طلبه وسعى في تحصيله .

والكسب : الطلب ، والسعي في طلب الرزق والمعيشة ، وأراد بالطيب هاهنا الحلال .

ونفقة الوالدين على الولد واجبة إذا كانا محتاجين ، عاجزين عن السعي ، عند الشافعي ، وغيره لا يشترط ذلك .

* وفي حديث خديجة : " إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل وتكسب المعدوم " يقال : كسبت مالا وكسبت زيدا مالا ، وأكسبت زيدا مالا ؛ أي : أعنته على كسبه ، أو جعلته يكسبه .

فإن كان ذلك من الأول ، فتريد أنك تصل إلى كل معدوم وتناله فلا يتعذر لبعده عليك .

وإن جعلته متعديا إلى اثنين ، فتريد أنك تعطي الناس الشيء المعدوم عندهم وتوصله إليهم .

وهذا أولى القولين ؛ لأنه أشبه بما قبله في باب التفضل والإنعام ، إذ لا إنعام في أن يكسب هو لنفسه مالا كان معدوما عنده ، وإنما الإنعام أن يوليه غيره ، وباب الحظ والسعادة في الاكتساب غير باب التفضل والإنعام .

* وفيه : أنه نهى عن كسب الإماء هكذا جاء مطلقا في رواية أبي هريرة .

وفي رواية رافع بن خديج مقيدا : " حتى يعلم من أين هو " .

وفي رواية أخرى : " إلا ما عملت بيدها " .

ووجه الإطلاق أنه كان لأهل مكة والمدينة إماء ، عليهن ضرائب يخدمن الناس ، ويأخذن أجورهن ، ويؤدين ضرائبهن ، ومن تكون متبذلة خارجة داخلة وعليها ضريبة فلا تؤمن أن تبدو منها زلة ، إما للاستزادة في المعاش ، وإما لشهوة تغلب ، أو لغير ذلك ، والمعصوم قليل ، فنهي عن كسبهن مطلقا تنزها عنه .

[ ص: 172 ] هذا إذا كان للأمة وجه معلوم تكسب منه ، فكيف إذا لم يكن لها وجه معلوم ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية