صفحة جزء
( لبن ) ( س ) فيه " إن لبن الفحل يحرم " يريد بالفحل الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولدا ولها لبن ; فكل من أرضعته من الأطفال بهذا اللبن فهو محرم على الزوج وإخوته وأولاده منها ، ومن غيرها ، لأن اللبن للزوج حيث هو سببه . وهذا مذهب الجماعة . وقال ابن المسيب والنخعي : لا يحرم .

* ومنه حديث ابن عباس " وسئل عن رجل له امرأتان أرضعت إحداهما غلاما والأخرى جارية : أيحل للغلام أن يتزوج بالجارية ؟ قال : لا ، اللقاح واحد " .

* وحديث عائشة " واستأذن عليها أبو القعيس فأبت أن تأذن له ، فقال : أنا عمك ، أرضعتك امرأة أخي ، فأبت عليه حتى ذكرته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم ، فقال : هو عمك فليلج عليك " .

( س ) وفيه " أن رجلا قتل آخر ، فقال : خذ من أخيك اللبن " أي : إبلا لها لبن ، يعني الدية .

[ ص: 228 ] * ومنه حديث أمية بن خلف " لما رآهم يوم بدر يقتلون قال : أما لكم حاجة في اللبن ؟ " أي : تأسرون فتأخذون فداءهم إبلا ، لها لبن .

( س ) ومنه الحديث " سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللبن ، فسئل : من أهل اللبن ؟ فقال : قوم يتبعون الشهوات ، ويضيعون الصلوات " قال الحربي : أظنه أراد : يتباعدون عن الأمصار وعن صلاة الجماعة ، ويطلبون مواضع اللبن في المراعي والبوادي . وأراد بأهل الكتاب قوما يتعلمون الكتاب ليجادلوا به الناس .

* وفي حديث عبد الملك " ولد له ولد فقيل له : اسقه لبن اللبن " هو أن يسقي ظئره اللبن ، فيكون ما يشربه الولد لبنا متولدا عن اللبن .

( هـ ) وفي حديث خديجة " أنها بكت ، فقال لها : ما يبكيك ؟ فقالت : درت لبنة القاسم فذكرته " وفي رواية " لبينة القاسم ، فقال : أوما ترضين أن تكفله سارة في الجنة " اللبنة : الطائفة القليلة من اللبن ، واللبينة : تصغيرها .

( س ) وفي حديث الزكاة ذكر " بنت اللبون ، وابن اللبون " وهما من الإبل ما أتى عليه سنتان ودخل في الثالثة ، فصارت أمه لبونا ، أي : ذات لبن ; لأنها تكون قد حملت حملا آخر ووضعته .

وقد جاء في كثير من الروايات " ابن لبون ذكر " وقد علم أن ابن اللبون لا يكون إلا ذكرا ، وإنما ذكره تأكيدا ، كقوله " ورجب مضر ، الذي بين جمادى وشعبان " وقوله تعالى : تلك عشرة كاملة .

وقيل : ذكر ذلك تنبيها لرب المال وعامل الزكاة ; فقال " ابن لبون ذكر " لتطيب نفس رب المال بالزيادة المأخوذة منه إذا علم أنه قد شرع له من الحق ، وأسقط عنه ما كان بإزائه من فضل الأنوثة في الفريضة الواجبة عليه ، وليعلم العامل أن سن الزكاة في هذا [ ص: 229 ] النوع مقبول من رب المال ، وهو أمر نادر خارج عن العرف في باب الصدقات . فلا ينكر تكرار اللفظ للبيان ، وتقرير معرفته في النفوس مع الغرابة والندور .

( هـ ) وفي حديث جرير " إذا سقط كان درينا ، وإن أكل كان لبينا " أي : مدرا للبن مكثرا له ، يعني أن النعم إذا رعت الأراك والسلم غزرت ألبانها . وهو فعيل بمعنى فاعل ، كقدير وقادر ، كأنه يعطيها اللبن . يقال : لبنت القوم ألبنهم فأنا لابن ، إذا سقيتهم اللبن .

( هـ ) وفيه التلبينة مجمة لفؤاد المريض التلبينة والتلبين : حساء يعمل من دقيق أو نخالة ، وربما جعل فيها عسل ، سميت به تشبيها باللبن . لبياضها ورقتها ، وهي تسمية بالمرة من التلبين ، مصدر لبن القوم ، إذا سقاهم اللبن .

( هـ ) ومنه حديث عائشة " عليكم بالمشنيئة النافعة التلبين " وفي أخرى " بالبغيض النافع التلبينة " .

* وفي حديث علي " قال سويد بن غفلة : دخلت عليه فإذا بين يديه صحيفة فيها خطيفة وملبنة " هي بالكسر : الملعقة ، هكذا شرح .

وقال الزمخشري : " الملبنة : لبن يوضع على النار ويترك عليه دقيق " والأول أشبه بالحديث .

وفيه وأنا موضع تلك اللبنة هي بفتح اللام وكسر الباء : واحدة اللبن ، وهي التي [ ص: 230 ] يبنى بها الجدار . ويقال بكسر اللام وسكون الباء .

ومنه الحديث " ولبنتها ديباج " وهي رقعة تعمل موضع جيب القميص والجبة .

( هـ ) وفي حديث الاستسقاء :

أتيناك والعذراء يدمى لبانها

أي : يدمى صدرها لامتهانها نفسها في الخدمة ، حيث لا تجد ما تعطيه من يخدمها ، من الجدب وشدة الزمان . وأصل اللبان في الفرس : موضع اللبب ، ثم استعير للناس .

ومنه قصيد كعب :

ترمي اللبان بكفيها ومدرعها

وفي بيت آخر منها :

يزلقه منها لبان

التالي السابق


الخدمات العلمية