صفحة جزء
( لحن ) ( هـ س ) فيه إنكم لتختصمون إلي ، وعسى أن يكون بعضكم ألحن بحجته من الآخر ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار اللحن : الميل عن جهة الاستقامة . يقال : لحن فلان في كلامه ، إذا مال عن صحيح المنطق .

وأراد : إن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره .

ويقال : لحنت لفلان ، إذا قلت له قولا يفهمه ويخفى على غيره ، لأنك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم . ومنه قالوا : لحن الرجل فهو لحن ، إذا فهم وفطن لما لا يفطن له غيره .

* ومنه الحديث " أنه بعث رجلين إلى بعض الثغور عينا ، فقال لهما : إذا انصرفتما فالحنا لي لحنا " أي : أشيرا إلي ولا تفصحا ، وعرضا بما رأيتما . أمرهما بذلك لأنهما ربما أخبرا عن العدو ببأس وقوة فأحب ألا يقف عليه المسلمون .

[ هـ ] ومنه حديث ابن عبد العزيز " عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم " أي : فاطنهم وجادلهم .

( هـ ) وفي حديث عمر " تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تعلمون القرآن " وفي رواية " تعلموا اللحن في القرآن كما تتعلمونه " يريد تعلموا لغة العرب بإعرابها .

وقال الأزهري : معناه : تعلموا لغة العرب في القرآن ، واعرفوا معانيه كقوله تعالى : ولتعرفنهم في لحن القول أي : معناه وفحواه .

واللحن : اللغة والنحو . واللحن أيضا : الخطأ في الإعراب ، فهو من الأضداد .

قال الخطابي : كان ابن الأعرابي يقول : إن اللحن بالسكون : الفطنة والخطأ سواء ، وعامة أهل اللغة في هذا على خلافه . قالوا : الفطنة بالفتح . والخطأ بالسكون .

وقال ابن الأعرابي : واللحن أيضا بالتحريك : اللغة .

* وقد روي " أن القرآن نزل بلحن قريش " أي : بلغتهم .

ومنه قول عمر : " تعلموا الفرائض والسنة واللحن " : أي اللغة .

[ ص: 242 ] قال الزمخشري : " المعنى : تعلموا الغريب واللحن ; لأن في ذلك علم غريب القرآن ومعانيه ومعاني الحديث والسنة ، ومن لم يعرفه لم يعرف أكثر كتاب الله ومعانيه ، ولم يعرف أكثر السنن " .

( هـ ) ومنه حديث عمر أيضا " أبي أقرؤنا ، وإنا لنرغب عن كثير من لحنه " أي : لغته .

( هـ ) ومنه حديث أبي ميسرة ، في قوله تعالى : فأرسلنا عليهم سيل العرم قال : العرم : المسناة بلحن اليمن . أي : بلغتهم .

وقال أبو عبيد : قول عمر " تعلموا اللحن " . أي الخطأ في الكلام لتحترزوا منه . قال : ( هـ ) ومنه حديث أبي العالية " كنت أطوف مع ابن عباس وهو يعلمني اللحن " .

* ومنه الحديث " وكان القاسم رجلا لحنة " يروى بسكون الحاء وفتحها ، وهو الكثير اللحن .

وقيل : هو بالفتح الذي يلحن الناس : أي : يخطئهم . والمعروف في هذا البناء أنه للذي يكثر منه الفعل ، كالهمزة واللمزة والطلعة ، والخدعة ، ونحو ذلك .

( هـ ) وفي حديث معاوية " أنه سأل عن ابن زياد فقيل : إنه ظريف ، على أنه يلحن ، فقال : أو ليس ذلك أظرف له ؟ " قال القتيبي : ذهب معاوية إلى اللحن الذي هو الفطنة ، محرك الحاء .

وقال غيره : إنما أراد ضد الإعراب ، وهو يستملح في الكلام إذا قل ، ويستثقل الإعراب والتشدق .

* وفيه اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل العشق ولحون أهل الكتابين اللحون والألحان : جمع لحن ، وهو التطريب ، وترجيع الصوت وتحسين القراءة ، والشعر والغناء . ويشبه أن يكون أراد هذا الذي يفعله قراء الزمان ; من اللحون التي يقرءون بها [ ص: 243 ] النظائر في المحافل ، فإن اليهود والنصارى يقرءون كتبهم نحوا من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية