صفحة جزء
( ملل ) ( هـ ) فيه " إكلفوا من العمل ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا " معناه : أن الله لا يمل أبدا ، مللتم أو لم تملوا ، فجرى مجرى قولهم : حتى يشيب الغراب ، ويبيض القار .

وقيل : معناه : أن الله لا يطرحكم حتى تتركوا العمل ، وتزهدوا في الرغبة إليه ، فسمى الفعلين مللا ، وكلاهما ليسا بملل ، كعادة العرب في وضع الفعل موضع الفعل ، إذا وافق معناه نحو قولهم :

ثم أضحوا لعب الدهر بهم وكذاك الدهر يودي بالرجال

فجعل إهلاكه إياهم لعبا .

وقيل : معناه : أن الله لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله . فسمى فعل الله مللا ، على طريق الازدواج في الكلام ، كقوله تعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلها وقوله : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه وهذا باب واسع في العربية ، كثير في القرآن .

* وفيه " لا يتوارث أهل ملتين " الملة : الدين ، كملة الإسلام ، والنصرانية ، واليهودية . وقيل : هي معظم الدين ، وجملة ما يجيء به الرسل .

[ ص: 361 ] * وفي حديث عمر " ليس على عربي ملك ، ولسنا بنازعين من يد رجل شيئا أسلم عليه ، ولكنا نقومهم الملة على آبائهم خمسا من الإبل " الملة : الدية ، وجمعها ملل .

قال الأزهري : كان أهل الجاهلية يطئون الإماء ويلدن لهم ، فكانوا ينسبون إلى آبائهم ، وهم عرب ، فرأى عمر أن يردهم على آبائهم فيعتقون ، ويأخذ من آبائهم لمواليهم ، عن كل واحد خمسا من الإبل .

وقيل : أراد من سبي من العرب في الجاهلية وأدركه الإسلام وهو عند من سباه أن يرده حرا إلى نسبه ، وتكون عليه قيمته لمن سباه ، خمسا من الإبل .

( س ) ومنه حديث عثمان " أن أمة أتت طيئا فأخبرتهم أنها حرة ، فتزوجت فولدت ، فجعل في ولدها الملة " أي يفتكهم أبوهم من موالي أمهم .

وكان عثمان يعطي مكان كل رأس رأسين ، وغيره يعطي مكان كل رأس رأسا وآخرون يعطون قيمتهم بالغة ما بلغت .

( هـ ) وفيه " قال له رجل : إن لي قرابات أصلهم ويقطعونني ، وأعطيهم فيكفرونني ، فقال له : إنما تسفهم المل " المل والملة : الرماد الحار الذي يحمى ليدفن فيه الخبز لينضج ، أراد : إنما تجعل الملة لهم سفوفا يستفونه ، يعني أن عطاءك إياهم حرام عليهم ، ونار في بطونهم .

( هـ ) ومنه حديث أبي هريرة " كأنما تسفهم المل " .

* وفيه " قال أبو هريرة : لما افتتحنا خيبر ، إذا أناس من يهود مجتمعون على خبزة يملونها أي يجعلونها في الملة .

( س ) وحديث كعب " أنه مر به رجل من جراد فأخذ جرادتين فملهما " أي شواهما بالملة .

* وفي حديث الاستسقاء " فألف الله السحاب وملتنا " كذا جاء في رواية لمسلم .

[ ص: 362 ] قيل : هي من الملل ، أي كثر مطرها حتى مللناها .

وقيل : هي " ملتنا " بالتخفيف ، من الامتلاء ، فخفف الهمز . ومعناه : أوسعتنا سقيا وريا .

* وفي قصيد كعب بن زهير :

كأن ضاحيه بالنار مملول

أي كأن ما ظهر منه للشمس مشوي بالملة من شدة حره .

( س ) وفيه " لا تزال المليلة والصداع بالعبد " المليلة : حرارة الحمى ووهجها .

وقيل : هي الحمى التي تكون في العظام .

* وفي حديث المغيرة " مليلة الإرغاء " أي مملولة الصوت . فعيلة بمعنى مفعولة ، يصفها بكثرة الكلام ورفع الصوت ، حتى تمل السامعين .

( س ) وفي حديث زيد ، أنه أمل عليه لا يستوي القاعدون من المؤمنين يقال : أمللت الكتاب وأمليته ، إذا ألقيته على الكاتب ليكتبه .

( س ) وفي حديث عائشة " أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - بملل ، ثم راح وتعشى بسرف " ملل - بوزن جمل - موضع بين مكة والمدينة ، على سبعة عشر ميلا من المدينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية