صفحة جزء
( باب النون مع الصاد )

( نصب ) ( س ) في حديث زيد بن حارثة قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مردفي إلى نصب من الأنصاب ، فذبحنا له شاة ، وجعلناها في سفرتنا ، فلقينا زيد بن عمرو ، فقدمنا له السفرة ، فقال : لا آكل مما ذبح لغير الله .

وفي رواية أن زيد بن عمرو مر برسول الله فدعاه إلى الطعام ، فقال زيد : إنا لا نأكل مما ذبح على النصب النصب ، بضم الصاد وسكونها : حجر كانوا ينصبونه في الجاهلية ، ويتخذونه صنما فيعبدونه ، والجمع : أنصاب .

وقيل : هو حجر كانوا ينصبونه ، ويذبحون عليه فيحمر بالدم .

قال الحربي : قوله ذبحنا له شاة له وجهان : أحدهما أن يكون زيد فعله من غير أمر [ ص: 61 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا رضاه ، إلا أنه كان معه فنسب إليه ، ولأن زيدا لم يكن معه من العصمة ما كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - .

والثاني : أن يكون ذبحها لزاده في خروجه ، فاتفق ذلك عند صنم ، كانوا يذبحون عنده ، لا أنه ذبحها للصنم ، هذا إذا جعل النصب الصنم . فأما إذا جعل الحجر الذي يذبح عنده فلا كلام فيه ، فظن زيد بن عمرو أن ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأنصابها فامتنع لذلك . وكان زيد يخالف قريشا في كثير من أمورها . ولم يكن الأمر كما ظن زيد .

( هـ ) ومنه حديث إسلام أبي ذر فخررت مغشيا علي ثم ارتفعت كأني نصب أحمر يريد أنهم ضربوه حتى أدموه ، فصار كالنصب المحمر بدم الذبائح .

ومنه شعر الأعشى يمدح النبي - صلى الله عليه وسلم - :

وذا النصب المنصوب لا تعبدنه ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

يريد الصنم . وقد تكرر في الحديث .

وذات النصب : موضع على أربعة برد من المدينة .

( س ) وفي حديث الصلاة لا ينصب رأسه ولا يقنعه أي لا يرفعه . كذا في سنن أبي داود . والمشهور لا يصبي ويصوب . وقد تقدما .

( س ) ومنه حديث ابن عمر " من أقذر الذنوب رجل ظلم امرأة صداقها ، قيل لليث : أنصب ابن عمر الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : وما علمه لولا أنه سمعه منه ؟ " أي أسنده إليه ورفعه . والنصب : إقامة الشيء ورفعه .

[ ص: 62 ] ( س ) وفيه فاطمة بضعة منى ينصبني ما أنصبها أي يتعبني ما أتعبها . والنصب : التعب . وقد نصب ينصب ، ونصبه غيره وأنصبه .

ومنه حديث الدجال ما ينصبك منه وروي ما يضنيك منه من الضنا : الهزال والضعف وأثر المرض . وقد تكرر في الحديث .

وفي حديث السائب بن يزيد " كان رباح بن المعترف يحسن غناء النصب " النصب بالسكون : ضرب من أغاني العرب شبه الحداء .

وقيل : هو الذي أحكم من النشيد ، وأقيم لحنه ووزنه .

( هـ ) ومنه حديث نائل مولى عثمان " فقلنا لرباح بن المعترف : لو نصبت لنا نصب العرب " قال الأصمعي : وفي الحديث كلهم كان ينصب أي يغني النصب .

التالي السابق


الخدمات العلمية