صفحة جزء
( نفق ) قد تكرر في الحديث ذكر " النفاق " وما تصرف منه اسما وفعلا ، وهو اسم إسلامي ، لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به ، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه ، وإن كان أصله في اللغة معروفا . يقال : نافق ينافق منافقة ونفاقا ، وهو مأخوذ من النافقاء : أحد جحرة اليربوع ، إذا طلب من واحد هرب إلى الآخر ، وخرج منه . وقيل : هو من النفق : وهو السرب الذي يستتر فيه ، لستره كفره .

وفي حديث حنظلة نافق حنظلة أراد أنه إذا كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أخلص وزهد في الدنيا ، وإذا خرج عنه ترك ما كان عليه ورغب فيها ، فكأنه نوع من الظاهر والباطن ، ما كان يرضى أن يسامح به نفسه .

( س ) وفيه أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها أراد بالنفاق هاهنا الرياء لأن كليهما إظهار غير ما في الباطن .

( س ) وفيه المنفق سلعته بالحلف كاذب المنفق بالتشديد : من النفاق ، وهو ضد الكساد . ويقال : نفقت السلعة فهي نافقة ، وأنفقتها ونفقتها ، إذا جعلتها نافقة .

[ ص: 99 ] ( هـ ) ومنه الحديث اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للبركة أي هي مظنة لنفاقها وموضع له .

( هـ ) ومنه حديث ابن عباس لا ينفق بعضكم لبعض أي لا يقصد أن ينفق سلعته على جهة النجش ، فإنه بزيادته فيها يرغب السامع ، فيكون قوله سببا لابتياعها ، ومنفقا لها .

ومنه حديث عمر " من حظ المرء نفاق أيمه " أي من حظه وسعادته أن تخطب إليه نساؤه ، من بناته وأخواته ، ولا يكسدن كساد السلع التي لا تنفق .

( س ) وفي حديث ابن عباس " والجزور نافقة " أي ميتة . يقال : نفقت الدابة ، إذا ماتت .

( نفل ) ( س ) في حديث الجهاد إنه نفل في البدأة الربع ، وفي الققلة الثلث النفل بالتحريك : الغنيمة ، وجمعه : أنفال . والنفل بالسكون وقد يحرك : الزيادة وقد تقدم معنى هذا الحديث في حرف الباء وغيره .

( س ) ومنه الحديث " أنه بعث بعثا قبل نجد ، فبلغت سهمانهم اثني عشر بعيرا ، ونفلهم بعيرا بعيرا " أي زادهم على سهامهم . ويكون من خمس الخمس .

ومنه حديث ابن عباس لا نفل في غنيمة حتى تقسم جفة كلها أي لا ينفل منها الأمير أحدا من المقاتلة بعد إحرازها حتى تقسم كلها ، ثم ينفله إن شاء من الخمس ، فأما قبل القسمة فلا .

وقد تكرر ذكر " النفل والأنفال " في الحديث ، وبه سميت النوافل في العبادات ، لأنها زائدة على الفرائض .

ومنه الحديث لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل الحديث .

وفي حديث قيام رمضان لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه أي زدتنا من صلاة النافلة .

والحديث الآخر إن المغانم كانت محرمة على الأمم قبلنا ، فنفلها الله تعالى هذه الأمة أي زادها .

وفي حديث القسامة قال لأولياء المقتول : أترضون بنفل خمسين من اليهود ما قتلوه ؟ يقال : نفلته فنفل : أي حلفته فحلف . ونفل وانتفل ، إذا حلف . وأصل النفل : النفي . يقال : [ ص: 100 ] نفلت الرجل عن نسبه ، وانفل عن نفسك إن كنت صادقا : أي انف عنك ما قيل فيك ، وسميت اليمين في القسامة نفلا ، لأن القصاص ينفى بها .

( هـ ) ومنه حديث علي " لوددت أن بني أمية رضوا ونفلناهم خمسين رجلا من بني هاشم ، يحلفون ما قتلنا عثمان ، ولا نعلم له قاتلا " يريد نفلنا لهم .

( س هـ ) ومنه حديث ابن عمر " أن فلانا انتفل من ولده " أي تبرأ منه .

( س ) وفي حديث أبي الدرداء " إياكم والخيل المنفلة التي إن لقيت فرت ، وإن غنمت غلت " كأنه من النفل : الغنيمة : أي الذين قصدهم من الغزو الغنيمة والمال ، دون غيره ، أو من النفل ، وهم المطوعة المتبرعون بالغزو ، والذين لا اسم لهم في الديوان ، فلا يقاتلون قتال من له سهم .

هكذا جاء في كتاب أبي موسى من حديث أبي الدرداء . والذي جاء في " مسند أحمد " من رواية أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إياكم والخيل المنفلة ، فإنها إن تلق تفر ، وإن تغنم تغلل " ولعلهما حديثان .

التالي السابق


الخدمات العلمية